419

ذلك في الثاني بأن يقال : لا قائم هذا ولا لا قائم ، ومن المعلوم أن هذا الفرق لا يوجب ما ذكر ، كيف لا!؟ وبين العلم والجهل والقدرة والعجز والغنى والفقر تقابل العدم والملكة ، ويستحيل اتصافه تبارك وتعالى بالجهل والعجز والفقر مع أن اتصافه بالعلم والقدرة والغنى ضروري له ، وفي الممكن بالعكس.

ويكفي في تقابل العدم والملكة أن يكون أحد الأمرين له شأنية الوجود ولو باعتبار نوعه أو جنسه ، كما في العقرب ، فإنه على ما هو المعروف ليس من شأن نوعه أن يكون بصيرا لكن يكون من شأن جنسه ذلك.

هذا كله ما يرجع إلى كلام شيخنا الأستاذ.

وأما الجواب عما أفاده في الكفاية من الوجوه الثلاثة :

فعن الأول : أن المراد من إمكان حصول ذي المقدمة إن كان الإمكان الذاتي ، فلا يفرق بين إتيان المقدمات وعدمه في إمكان حصول ذي المقدمة ذاتا ، فهو ممكن قبل إتيان مقدماته وبعده ، كما أن القدرة عليه حاصلة ، سواء أتى بمقدماته أو لم يأت ، غاية الأمر تكون القدرة في صورة عدم الإتيان بالواسطة وفي صورة الإتيان بلا واسطة.

وإن كان المراد منه الإمكان القياسي بمعنى الإمكان بالقياس إلى عدم هذه المقدمة. وبعبارة أخرى : يكون الغرض من الإيجاب تمكن الوصول من ناحية هذه المقدمة ، فأي غرض يترتب على إيجاب هذه المقدمة ، وأي فائدة تحصل من إتيانها مع عدم حصول الواجب وترتبه على إتيان ما يكون واجبا حيث إن الاختيار من المقدمات؟ وعلى مسلكه لا يمكن تعلق التكليف به ، وإنما هو لغو محض.

فالإنصاف أن إمكان الحصول ليس غرضا ، بل الغرض هو إمكان

صفحة ١٠٠