362

وكيفية أخذ القدرة وأنه على أي قسم من هذه الأقسام الأربعة تعلم من لسان الدليل ، فإنه تارة لا تؤخذ فيه القدرة أصلا ، فمن ذلك يعلم أن الملاك تام بدونها أيضا ، والقدرة شرط عقلا ، وتارة تؤخذ ، فينظر إلى كيفية أخذها ، فإن أخذت مطلقة ، فهي بالنتيجة كالقدرة العقلية ، إذ في كليهما يجب تحصيل المقدمات الوجودية بمجرد القدرة ولكنها فارقت القدرة المطلقة الشرعية من جهة أخرى ، وهي أن الفعل قبل حصول القدرة ولو في وقت لا يكون له ملاك ملزم ، فلو عجز ولم يتمكن منه ، لم تفت منه مصلحة ، وهذا بخلاف القدرة العقلية ، إذ لا دخل لها في المصلحة ، فلو عجز يكون كالمريض الذي لا بد أن يشرب الدواء لكنه لا يقدر على شربه ، فتفوت منه المصلحة ولكن في وجوب حفظ القدرة وتحصيل مقدمات الواجب ، كلاهما على حد سواء بعد حصول القدرة ولو وقتا ما.

وإن أخذت في زمان الوجوب ، فلا يجب تحصيلها قبل زمان الوجوب ، ويجب بعده.

وإن أخذت في زمان الواجب ، فلا يجب تحصيلها إلا في ظرف الواجب.

ثم إن هذا الوجوب وإن كان بحكم العقل بمقتضى قاعدة «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار» إلا أنه يستكشف منه الحكم الشرعي ، كقصد التقرب في العبادة.

نعم ، ليس له وجوب نفسي ، بل له وجوب تهيئي لحصول الغرض ، ولذا لا يكون عند تركه عقاب إلا لترك ذيها.

إذا عرفت ذلك ، فنقول : إن الواجبات الشرعية أكثرها من قبيل الأول

صفحة ٤٣