وقد ظهر من ذلك أن إطلاق الواضع على شخص خاص كيعرب بن قحطان مثلا لمكان أسبقيته وإلا فعلى ما ذكرنا كل شخص واضع ، إذ ذاك الالتزام الذي قلنا : إنه حقيقة الوضع موجود في كل من يكون من أهل لغة واحدة ، غاية الأمر أن بعضهم يلتزم ابتداء والباقي يتبعه في ذلك.
وظهر أيضا أن الوضع التعيني أيضا كالوضع التعييني حقيقته هو الالتزام والتعهد المزبور إن كان ابتدائيا يسمى تعيينيا ، وإن كان ناشئا من كثرة استعمال المستعملين بحيث تكون كاشفة عن التزامهم وتعهدهم يسمى تعينيا ، ولا يفرق بين أن يكون الكاشف للالتزام هو اللفظ أو الفعل.
ثم إن شيخنا الأستاذ قدسسره ذكر أن الوضع واسطة بين الأمور التكوينية المحضة والاعتبارية أي التشريعية الصرفة ، فإن من الأمور ما هو تكويني محض لا يحتاج إلى إرسال رسل وإنزال كتب ، كحدوث الجوع والعطش عند احتياجه إلى الطعام والشراب ، فإنه جبلي له.
ومنها : اعتباري وجعلي تشريعي صرف ، كالأحكام الشرعية التكليفية والوضعية ، إذ لا طريق للإنسان إليها إلا بتبليغ الأنبياء والأوصياء.
ومنها : ما هو واسطة بينهما ، وهو وضع الألفاظ لمعانيها ، فإنه لا تكويني صرف حتى لا يحتاج إلى جاعل أصلا ، ولا جعلي
صفحة ٢٨