238

أمرها.

وأما في مقام الامتثال : فلأن قصد الامتثال متأخر عن إتيان الأجزاء رتبة ، والمفروض أن من جملة أجزاء المأمور به هو قصد الأمر ، فإن كان ما يكون جزءا للمأمور به هو بعينه ما يكون متأخرا عنها رتبة ، فيلزم تقدم الشيء على نفسه ، إذ لازمه أن يكون قصد الامتثال وهو متأخر عن الأجزاء رتبة متقدما على نفسه وإن كان غيره ، فيلزم أن يكون لمكلف شخصي في تكليف واحد شخصي في آن وزمان شخصي امتثالان ، وهو غير معقول.

ومنها : ما أفاده بعض الأساطين من أن الأمر محرك وباعث للعبد نحو الفعل ، وليس قصد الأمر إلا محركية هذا الأمر وباعثيته ، فإن كان مأخوذا في متعلقه شرطا أو شطرا ، يلزم أن يكون محركا لمحركية نفسه وباعثا لباعثية نفسه ، وكما أن الشيء لا يعقل أن يكون محركا لنفسه كذلك لا يعقل أن يكون محركا لمحركية نفسه بمناط واحد ، وهو تقدم الشيء على نفسه ، اللازم في علية شيء لنفسه أو لعلية نفسه (1).

وفيه : أنه إن كان المراد من أن الأمر محرك أنه بوجوده الخارجي وإن لم يعلم به المكلف ولم يصل إليه ، فباطل بالضرورة ، وإن كان المراد منه أن الواصل منه يكون محركا فكذلك ، لوصول كثير من الأوامر إلى كثير من العصاة والكفار وعلمهم بها مع أنها

صفحة ٢٤٢