ثم إن المحقق صاحب الكفاية (1) أفاد في المقام أن الوضع نحو اختصاص بين اللفظ والمعنى وارتباط خاص بينهما ناش من تخصيصه به تارة ومن كثرة استعماله فيه أخرى.
وهذا الذي أفاده لا يمكن المساعدة عليه ، لأن الأمور الحقيقية التي ليست تابعة لاعتبار معتبر وفرض فارض إما من قبيل الجواهر أو الأعراض التي داخلة تحت المقولات الحقيقية والخارج ظرف لوجودها لا لأنفسها ، وإما من قبيل الأمور الواقعية والنفس الأمرية التي يكون الخارج ظرفا لأنفسها لا لوجودها كنفس الوجود واستحالة اجتماع النقيضين والملازمات الواقعية ، ومن الواضح أن الربط بين اللفظ والمعنى ليس من شيء منها.
أما عدم كونه من الجواهر : فواضح.
وأما عدم كونه من الأعراض : فلأن العرض لا يوجد إلا في موضوعه ، والربط يكون بين طبيعي اللفظ والمعنى لا الموجود منهما ، مع أن بعض المعاني من الممتنعات ، كمعنى الدور واستحالة اجتماع النقيضين.
ثم إنه ذكر بعض أن الوضع أمر اعتباري ، وله تقريبان :
أحدهما (2): أن اللفظ وجود تنزيلي للمعنى ، نظير تنزيل الرجل الشجاع منزلة الأسد ، واستعارة لفظ الأسد ، فكما يعتبر
صفحة ٢٥