الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني
محقق
عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل
الناشر
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م
تصانيف
في إحْدَى الرِّوَايَتينِ (١)، وفي الأخرَى: هوَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ بالخُلْعِ على ثَلاَثَةِ أضْرُبٍ: مَحْظُورٌ ومَكْرُوهٌ ومُبَاحٌ.
فالمحْظُورُ: أنْ يَمْنَعَها حَقَّهَا ويُكْرِهَهَا لِتَفْتَدِيَ بِنَفْسِهَا، فإذا فَعَلَتْ فالخُلْعُ بَاطِلٌ والعِوَضُ مَرْدُودٌ وهيَ على الزَّوْجِيَّةِ إلاَّ أنْ يَكُونَ الخُلْعُ طَلاقًا (٢)، أوْ نَوَى بهِ الطَّلاقَ فَيَقَعُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً.
والمَكْرُوهُ: أنْ يُخَالِعَهَا مَعَ اسْتِقَامَةِ الحَالِ بَيْنَهُمَا فَيَصِحُّ الخُلْعُ على قَوْلِ الخِرَقِيِّ (٣) وشَيْخِنا، ويُحْتَمَلُ أنْ لا يَصِحَّ (٤) على مَا حَكَاهُ عنهُ أبُو بَكْرٍ /٢٧٩ و/ في زَادِ المُسَافِرِ.
وأمَّا المُبَاحُ: فأنْ تَكْرَهَ المَرأةُ زَوْجَهَا لِخُلُقِهِ أوْ خَلْقِهِ أو دِيْنِهِ فَتَخَافُ أنْ لا تُقِيمَ في حَقِّهِ حُدُودَ اللهِ تَعَالَى فِيْمَا يَلْزَمُهَا لهُ مِنَ الاسْتِمْتَاعِ والمُعَاشَرَةِ فَتَفْتدِيَ نَفْسَهَا منهُ، ولا يَصِحُّ الخُلْعُ إلاَّ بِعِوَضٍ في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ (٥)، وفي الأخرَى: تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عِوَضٍ، وكلُّ ما جَازَ أنْ يَكُونَ صَدَاقًا مِنْ عَيْنٍ ودَينٍ ومَنْفَعَةٍ وقَلِيلٍ وكَثيرٍ جَازَ أنْ يَكُونَ عِوَضًا في الخُلْعِ، وما لا يَجُوزُ أنْ يكونَ صَدَاقًا مِنْ حَرَامٍ أو مَجْهُولٍ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ عِوَضًا في الخُلْعِ، فإنْ خَالَعَهَا على أكْثَر مِمّا أصْدَقَهَا كُرِهَ ذلكَ وجَازَ على قَوْلِ شَيْخِنَا، وقال أبو بَكرٍ: لا يَجُوزُ ذلكَ (٦)، فَتُرَدُّ عَلَيهَا الزِّيَادَةُ.
فإنْ خَالَعَها على مَجْهولٍ مِثْل أنْ يَقُولَ: على ما في بَيْتِي مِنْ مَتَاعٍ فَلَمْ يُوجَدْ فيهِ شَيءٌ، أو خَالَعَها على ما يُثْمرُ نَخْلُهَا أو على حَمْلِ أمَتِهَا، فقالَ أبو بَكرٍ في " التَّنْبِيْهِ ": الخُلْعُ بَاطِلٌ، وقالَ شَيْخُنَا: يَصِحُّ الخُلْعُ (٧)، ويَرجعُ عليها بِمَا أعْطَاهاَ مِنَ المَهْرِ في مَسْألَةِ المَتَاعِ، ولا يَرجعُ في مَسْألَةِ الثَّمنِ والحملِ بِشَيءٍ، وعِنْدِي أنَّهُ يرجعُ بِمَا أعْطَاها في المَسألَتِيْنِ إلا أنْ يرضى بِدُونِهِ، وقد قالَ أحْمدُ ﵀ في رِوَايَةِ مُهَنَّا: إذا خَالَعَهَا على ثَمَرَةِ نَخْلِهَا فَحَالَت الثَّمَرَةُ تُرْضيهِ بِشَيءٍ فإنْ خَالَعَهَا على مَا في يَدِهَا مِنَ الدَّنَانيرِ لمْ يَصِحَّ
(١) انظر: المقنع: ٢٢٧.
(٢) في الأصل: «طلاق».
(٣) انظر: المقنع: ٢٢٧، والهادي: ١٧٣، والمغني ٨/ ١٨٠، والمحرر في الفقه ٨/ ٤٥، وشرح الزركشي ٣/ ٣٣٠، والإنصاف ٢/ ٣٨٥.
(٤) انظر: الشرح الكبير ٨/ ١٧٥، وشرح الزركشي ٣/ ٣٢٩.
(٥) انظر: المغني ٨/ ١٧٣، والمحرر في الفقه ٢/ ٤٥، وشرح الزركشي ٣/ ٣٢٧، والإنصاف ٨/ ٣٩٦.
(٦) انظر: المقنع: ٢٢٧، والهادي: ١٧٣، والمغني ٨/ ١٨٧.
(٧) انظر: المقنع: ٢٢٧، والهادي: ١٧٣، والمغني ٨/ ١٧٥، وشرح الزركشي ٣/ ٣٢٨، والإنصاف ٨/ ٣٩٨.
1 / 415