الحيدة والاعتذار
محقق
علي بن محمد بن ناصر الفقهي
الناشر
مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية
رقم الإصدار
الثانية، 1423هـ/2002م
تصانيف
من الألف، ومثل هذا في القرآن كثير، ولكني أختصر من كل خبر مسألة واحدة ليقف من بحضرة أمير المؤمنين على ذلك كما أمر.
وأما الخبر الذي ينزله على مخرج العموم وقد قدم قبله خبرا خاصا، فهو قوله عز وجل: {ورحمتي وسعت كل شيء} 1 فكان مخرج الخبر باللفظ عاما، وكان معناه خاصا لما قدم قبله من الخصوص في إبليس ومن تبعه بقوله: {لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} 2 وقوله: {والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم} 3 فعقل المؤمنون عن الله تعالى أنه لم يعن هؤلاء الذين قدم فيهم الأخبار الخاصة لخروجهم عن الرحمة أنهم معمومون بالرحمة مع غيرهم بهذا الخبر العام، وكذلك قال عز وجل في قصة لوط عليه السلام: {ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين، قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين} 4 وقال في موضع آخر: {إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك} 5 فخص عز وجل المرآة بالهلاك وقدم فيها أخبارا خاصة بذلك، ثم أنزل عز وجل خبرا مخرجه مخرج العموم ومعناه معنى الخصوص فقال: {إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر } 6 فعقل المؤمنون عن الله عز وجل أنه لم يعن امرأة لوط بالنجاة، لما قدم فيها من الأخبار الخاصة بالهلاك، وكذلك حين قدم إلينا عز وجل في نفسه خبرا خاصا إنه حي لا يموت بقوله: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} 7 ثم أنزل خبرا نحرجه مخرج العموم ومعناه معنى الخصوص فقال: {كل نفس ذائقة الموت} 8 عقل المؤمنون عن الله عز وجل أنه لم يعن نفسه مع هذه النفوس الميتة لما قدم إليهم من الخبر الخاص في
صفحة ٥٧