المشهود لهما بالصدق وتحري الدقة، وهما يؤكدان في تقديمهما للطبعة أنها تتضمن مسرحيات شيكسبير «كاملة غير منقوصة وعلى نحو ما أبدعها قلمه» ولم يقل أحد في أي وقت سابق على النشر باحتمال مشاركة أحد في كتابة أي مسرحية في المجموعة، والخصائص الأسلوبية العامة كما رأينا في البداية تشير إلى مؤلف واحد.
ويقدم فوكس
Foakes
دليلا دامغا على أن للنص مؤلفا واحدا وهو استعمال المصادر التاريخية؛ فالمعروف أن شيكسبير اعتمد في المسرحية على كتاب تاريخ إنجلترا الذي كتبه هولنشد
Holinshed
وعلى المؤرخ الآخر فوكس
Foxe
وكذلك على حوليات «هالي»، والنص يدل على الدقة الشديدة في اتباع المصادر، والقدرة الفائقة على ضغط الحوادث، واقتباس كثير من العبارات بل والأقوال منها، فإذا افترضنا وجود مؤلفين اثنين، فيجب أن نفترض اتفاقهما التام في اختيار الفقرات التي تصور أحداث المسرحية، وتطابق وجهة نظرهما فيما يتعلق بالضغط الزمني والتنسيق الدرامي. وهذا شبه محال، بل إن أسلوب فلتشر في الكتابة التاريخية يختلف اختلافا بينا؛ ففي مسرحية «بندقة» لا يستخدم فلتشر أي اقتباسات مباشرة من كتاب هولنشد بينما تحفل مسرحية «هنري الثامن» بهذه الاقتباسات (انظر كتاب بولدوين ماكسويل المشار إليه آنفا).
وأما النظرية البديلة القائلة بأن شيكسبير لم يكمل المسرحية وتركها لصديقه فلتشر حتى يكملها بدلا منه، فمن الصعب قبولها بسبب ما تتسم به المسرحية من دقة في اختيار المادة المستقاة من المصادر، وإعادة ترتيبها زمنيا ودراميا على امتداد الفصول الخمسة.
ويذهب جمهور النقاد إلى أن «وحدة التصور والروح» تشهد بأن الكاتب مؤلف فرد ؛ فالشخصيات الرئيسية تقدم إلينا لأول مرة في المشاهد المنسوبة إلى شيكسبير، وهذه المشاهد أيضا هي التي ترسم بناء الحبكة، وتشير إلى المشاهد الأخرى وما يقع فيها (وبعضها منسوب إلى فلتشر). والعديد من هذه المشاهد التي يظن نسبتها إلى فلتشر تتضمن بعض «السادة» الذين يتحدثون عما وقع أو مشاهد احتفال (مثل مأدبة الكاردينال وولزي ومشهد التعميد) وهي مشاهد تتطلب أسلوبا يختلف مثلا عن مشهد محاكمة كاثرين (الملكة)؛ ومن ثم فقد ترجع الاختلافات اللغوية إلى ضرورة تغيير الأسلوب وفقا لطبيعة المشهد. أما من زعموا (مثل سبيدنج) بأن المسرحية تفتقر إلى التماسك والوحدة فقد رد عليهم كبار الشعراء والأدباء، وأهمهم سوينبيرن
صفحة غير معروفة