التي كانت سببا في قتل هيبولوتوس، وميديا التي كانت مولعة بإراقة الدماء، صيغتا بحيث تنالان عطفنا عليهما، وانحيازنا إلى جانبهما.
كانت عاطفة يوريبيديس نحو السيدات جزءا من شعوره وفهمه للطبقة الدنيا. كان يعطف على العبيد والفلاحين والفقراء، أكثر من عطفه على رؤسائهم الذين كانت حروبهم وإمعانهم في الانتقام مادة للتراجيديا الراقية.
وفي الأساطير التي كانت مادة عامة لتصميم التراجيديات، قامت معالجة يوريبيديس لأحداث مسرحياته بعجائب جديدة وأحدثت ريبة جديدة في أذهان الناس. ألم تكن تلك الانتقامات الدموية القديمة التي تغنى بها هوميروس وأيسخولوس في ملاحم البطولات، مجرد قصص دنيئة للمكر والخيانة؟ وأولئك الآلهة الخرافيون، الذين ارتفعت معابدهم فوق المدينة، أيمكن تبجيلهم حقيقة بالرغم من منازعاتهم وخداعهم غير اللائقة بالآلهة؟ هكذا كانت المسائل التي يثيرها يوريبيديس في تراجيدياته.
كذلك شمل تفكيره التاريخ المضطرب لتلك العصور . كان يوريبيديس ديموقراطيا، وكان يمقت زعماء الحكومات الطغاة ورؤساء المصالح الحكومية المستبدين، ومن تحجرت قلوبهم، والقادة الأنانيين الذين جلبوا معهم الحرب والويلات. وإنا لنرى آثار الظلمة والفظائع التي نتجت عن نشوب الحرب مع إسبرطة في روايتيه «اللاجئون» و«النساء الطرواديات».
ليس بوسعنا أن نقول إلا القليل غير الكافي عن حياة يوريبيديس وهو يؤلف التراجيديات التي خلدت اسمه. كان يعيش من ضيعته في سالاميس، وكان يكتب شعره في كهف مواجه للبحر. كان رجلا رزينا صارما، لم يختلط بمواطنيه إلا بأقل ما يمكن.
وإنها لصورة تنطبق على جمال مؤلفاته العنيف: أن يحبس الشاعر نفسه وحيدا في مغارة، بعيدا عن ضجيج المدن وصخبها، لا يصل إلى سمعيه غير خرير البحر يتمشى مع الموسيقى الدائرة في رأسه. بيد أن تلك العزلة زادت في تهمة عداوته للبشرية والآلهة، وشذوذه الفظ في تحاشيه الاتصال بزملائه.
ولما كان يوريبيديس مواطنا أثينيا، فلم يستطع أن يفصل نفسه عن الحياة العامة. فأدى الخدمة في الجيش، وذات مرة قام بخدمة للدولة على حسابه الخاص، كما شغل «قنصل» لمغنيسيا.
تمثلت حياته في رواياته التي أسرت العالم وروعته. إذ كان تجديفه على الآلهة يجلب عليه شتائم الشعب الأثيني باستمرار، بينما نال المعجبين في جميع أنحاء العالم المتمدين؛ لجمال شعره وقوته.
نال الأغارقة الذين أسروا في الحملة المشئومة على سورا كوزة
Syracuse ، حريتهم وتخلصوا من العبودية نظير إلقائهم بعض فقرات من روايات يوريبيديس. وكاد أهل مدينة أبديرا
صفحة غير معروفة