حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

ابن الحاج القناوي ت. 598 هجري
76

حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر

محقق

عبد الله عمر البارودي

الناشر

مؤسسة الكتب الثقافية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٥ هجري

مكان النشر

بيروت

فبنيت بهَا الْكَعْبَة فعظمت بِالطّوافِ حولهَا وَلَا يقربهَا حَائِض وَلَا جنب وَلَا من على غير وضوء فَكَذَلِك الْمُصحف ﴿لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ﴾ وَلَا يُسَافر بِهِ إِلَى أَرض الْعَدو إحتراما لكَلَام الله تَعَالَى وَلَا يُوجب ذَلِك قدم الْمُصحف كَمَا لَا يُوجب قدم الْكَعْبَة وَلَا قدم الْحجر الْأسود الَّذِي يعظم وَيقبل ويلتزم وَكَذَلِكَ تَعْظِيم الْأَنْبِيَاء واحترامهم لَا يُوجب قدمهم فَمَا أعظم جهل الحشوية وَمَا أحمقهم وَصَارَت الْحُرُوف والأصوات وَالْكِتَابَة كَأَنَّهَا جَسَد لروح كَلَام الله وَصَارَ كَلَام الله كَأَنَّهُ روح الأجساد الْحُرُوف والأصوات وَالْكِتَابَة وَمَا أحسن مَا تفطن لَهُ بعض الشُّعَرَاء حَيْثُ قَالَ ... إِن الْكَلَام لفي الْفُؤَاد وأنما جعل اللِّسَان على الْفُؤَاد دَلِيلا ... وَقد أخبر عَن الْمَعْنيين جَمِيعًا بقوله تَعَالَى ﴿وأسروا قَوْلكُم أَو اجهروا بِهِ إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور﴾ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِذا جاؤوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله﴾ ثمَّ قَالَ ﴿وَيَقُولُونَ فِي أنفسهم لَوْلَا يعذبنا الله بِمَا نقُول﴾ أَلا تراهم كَيفَ لما دخلُوا على النَّبِي ﷺ غشاوة فِي التَّحِيَّة بالنطق بلسانهم وَأخْبر الله عَن كَلَامهم الْمَوْجُود فِي بواطنهم بقوله تَعَالَى ﴿وَيَقُولُونَ فِي أنفسهم﴾ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿بِمَا نقُول﴾ وَاعْلَم بعد ذَلِك كُله أَن الْمُعْتَزلَة إِنَّمَا تلقوا إعتقادهم فِي كَلَام الله تَعَالَى من الْعقل الْمَحْض والحشوية تلقوا إعتقادهم فِي كَلَام الله تَعَالَى من ظَاهر الشَّرْع

1 / 93