حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر
محقق
عبد الله عمر البارودي
الناشر
مؤسسة الكتب الثقافية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٥ هجري
مكان النشر
بيروت
كَيْفيَّة الْإِيمَان بِالْقدرِ لما سُئِلَ عَن كَيْفيَّة الْإِيمَان بِهِ قَالَ أَن تعلم أَن مَا أَصَابَك لم يكن ليخطئك وَمَا أخطاك لم يكن ليصيبك وان تعلم أَن الله خلق الْجنَّة وَخلق منَازِل أَهلهَا فِيهَا قبل خلقهمْ وَخلق النَّار وَخلق منَازِل أَهلهَا فِيهَا قبل كَونهم
وَقَوله ﷺ إِن خلق احدكم يجمع فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ يكون علقَة مثل ذَلِك ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذَلِك ثمَّ يبْعَث الله ﷿ ملكا فَيُؤْمَر باربع كَلِمَات فَيكْتب عمله وأجله ورزقه وأشقي ام سعيد وَمثله قَول ابْن عَبَّاس ﵁ فِي قصَّة الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر ﵇ وَأما الْغُلَام فطبع يَوْم طبع كَافِرًا لَا تغفل عَنهُ نكته النكت مَذْهَب هَؤُلَاءِ الْمُذَبْذَبِينَ إِنَّهُم يَعْتَقِدُونَ أَن الله تَعَالَى حَكِيم فَلَا يصدر مِنْهُ لأحد من خلقه ظلم فَيخرج عَن الْحِكْمَة وَلَا يظلم مِثْقَال ذرة وَنحن نقُول أَنه كَيفَ مَا تصرف فِي خلقه فَلَا ينْسب إِلَيْهِ ظلم لِأَنَّهُ تصرف فِي ملكه بِمَا شَاءَ كَيفَ شَاءَ فالظلم لَا يتَصَوَّر مِنْهُ
وَفِي أمره للخضر ﵇ بقتل الصَّبِي وَهُوَ دون الْبلُوغ جور عَظِيم وظلم كَبِير على مُقْتَضى مَذْهَبهم وَقَول عَليّ ﵇ وَقد سُئِلَ عَن أَفعَال الْعباد فِي خلقهَا قَالَ الله خلقهَا وَأَنت عملتها لَا تسئل عَن هَذَا أحد غَيْرِي فنص عَليّ خلق الله تَعَالَى للأعمال وعَلى نسبتها إِلَى العَبْد بِأَنَّهَا عمله من حَيْثُ الِاكْتِسَاب وَكَانَت نِسْبَة الْعَمَل إِلَى العَبْد على حد نِسْبَة اللَّوْن الْمَوْجُود فِيهِ والشبع والري وَالصِّحَّة والسقم فالموت والحياة لَهُ فَيُقَال لَونه وشبعه وريه وَصِحَّته وسقمه كَذَلِك يُقَال عمله
وَالْفرق بَين هَذِه وَتلك بِالْإِضَافَة إِلَى العَبْد ان الله خلق فِي العَبْد صفة مُتَعَلقَة بحركاته وسكناته وَصلَاته واجتهاده واكتسابه وَلم يَجْعَل لتِلْك
1 / 119