وفي اليوم الاخير من حياتها كانت فرحة مسرورة لعلمها باللحاق بابيها الذي بشرها انها تكون اول أهل بيته لحوقا به ، وعمدت لولديها فغسلت لهما ، وأمرتهما ، بالخروج لزيارة قبر جدهما فخرجا وهما يفكران في الأمر هل ان أمهما قد انهكتها العلة ، واضر الداء بها حتى لا تستطيع ان تمضي الى بيت الاحزان الذي الفته؟! او انها تريد أن تبكي في هذا اليوم فى ثويها؟! كيف البكاء وشيوخ المدينة قد منعوها من البكاء؟! وغرقا فى بحر من الهموم وتيار من الهواجس.
والتفتت الى سلمى بنت عميس (1) وكانت تتولى خدمتها وتمريضها فقالت لها.
« يا أماه »
« نعم يا حبيبة رسول الله »
« اسكبي لي غسلا »
فانبرت وأتت لها بما طلبته من الماء فاغتسلت فيه ، وهي على احسن ما تكون ، وقالت لها :
« ايتني بثيابي الجدد »
فناولتها ثيابها ، وهتفت بها ثانية « اجعلي فراشي وسط البيت »
فذهلت المرأة وقامت تتعثر باذيالها فصنعت لها ذلك فاضطجعت على فراشها ، واستقبلت القبلة والتفتت الى سلمى قائلة :
« يا أمه ... اني مقبوضة الآن ، وقد تطهرت ، فلا يكشفني احد » (2)
صفحة ١٦٥