والشعاع يخرج أبصارنا على شكل مخروط رأسه نقطة البصر وقاعدته سطح جرم المبصر. فإذا نظرنا في وقت الكسوف إلى جرم القمر كان الشعاع الذي يخرج من أبصارنا مخروطا رأسه نقطة أبصارنا وقاعدته جرم القمر. ونتوهم سطح ذلك المخروط يخرج على استقامة ويمتد إلى ناحية الشمس فإن وقع جرم الشمس في داخل ذلك المخروط استترت الشمس كلها عنا فيقال لذلك إن جميع الشمس قد انكسف فإن كان الذي يقع في داخل المخروط بعض جرم الشمس ويكون البعض خارجا عنه استتر عنا ذلك البعض وقيل إن الذي انكسف من الشمس هو ذلك البعض الذي في داخل المخروط.
وإذا انكسف جميع الشمس فليس يلبث حتى يبتدئ بالاسفار لأن مخروط الشعاع الذي ذكرناه إذا انتهي لى فلك الشمس فإن قطره يكون مساويا لقطر جرم الشمس فحين يبتدئ القمر بالحركة بعد الامتلأ ويتحرك المخروط فتبتدئ الشمس بالاسفار.
وإذا انتهي الخط المستقيم إلى نقطة التقاطع واتفق أن يكون مركز الشمس مسامتا للنقطة الأخرى المقابلة لها فيصير مركز الشمس ومركز القمر ومركز الأرض على ذلك الخط المستقيم فعند ذلك الحال يكون كسوف القمر. وذلك أن القمر لا نور له وإنما يكتسب النور من ضوء الشمس وهو جسم صقيل إذا قابلته الشمس قبل نورها واستنار بضؤها وانعكس ذلك النور من سطحه إلى الأرض فانارت به.
صفحة ٤٤