وتقسم هذه القطعة من الأرض بسبعة أقسام تسمي سبعة أقاليم. أما ابتداء الأقليم الأول منها فخط الاستواء والليل والنهار في هذا الموضع أبدا مساويتين ثم لا يزال الليل والنهار يختلفان عند كل من قرب من الشمال كما ذكرنا آنفا حتى ينتهي إلى آخر الأقليم السابع وهو آخر العمارة. وفي هذا المكان أطول ما يكون النهار أربعة وعشررون ساعة وذلك أن مدار السرطان يماس أفقهم على نقطة واحدة فيكون جميعه ظاهرا فوق أفقهم فإذا انتهت الشمس إلى هذه الدائرة كانت في الدورة الكاملة فوق الأفق فلذلك يكون أطول نهارهم أربعة وعشرين ساعة. ثم ترجع الشمس ولا يزال النهار يتناقص والليل يتزايد إلى أن تنتهى إلى أبعد بعدها في الجنوب فإذا صارت إلى مدار الجدي كانت في الدورة الكاملة تحت الأفق لأن مدار الجدي يماس الأفق على نقطة واحدة ويكون جميعه تحت الأفق ولذلك يكون أطول ليلهم أربعة وعشرين ساعة. وعرض هذا المكان وهو القوس من دائرة نصف النهار فيما بين سمت الرأس وبين معدل النهار قريب من ستة وستين جزءا من الأجزاء التى بها الدائرة ثلاثمئة وستون جزءا ويقال إنه ليس فيما يعد هذه الدائرة شيء من العمارة.
وقد تقسم الأقاليم السبعة قسمة غير هذه فمنهم ما يجعل مبدأ العمارة دون خط الاستواء ونهايتها دون عرض ستة وستين ولا يعتد بما عن جنبتى ذلك من العمارة. فأما بطلميوس فإنه يجعل نهاية العمارة في الشمال عرض ثلاثة وستين ويجعل نهايتها في الجنوب متجاوزأ لخط الاستواء إلى عرض ستة عشر وربع وسدس على ما ذكر في كتابه في المعمورة . فأما ما تجاوز عرض ستة وستين من الأرض فإنه كلما قرب
من الشمال ارتفعت دائرة مدار السرطان عن الأفق فصار الأفق مماسا لدائرة أعظم منها. فما دامت الشمس على دائرة من الدوائر المتوازية التي فيما بين الدائرة المماسة ومدار السرطان فإنه يكون النهار في هذا المكان لأن الشس تكون ظاهرة فوق الأرض ومثل ذلك يكون ليلا إذا كانت الشمس مما يلي القطب الجنوبي.
صفحة ١٩