كتاب الحاوى الكبير الماوردى
محقق
الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ -١٩٩٩ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَنْ وَصَلَ إِلَى الْأَخْفَى كَانَ وُصُولُهُ إِلَى الْأَظْهَرِ أَوْلَى.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَى الْكَافَّةِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ، وَيَكُونُ الْوَاحِدُ بِهِ ظَافِرًا.
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا مَا عُلِمَ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ ضَرُورَةً كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَتَحْرِيمِ الرِّبَا، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، فَهَذَا يَجِبُ الِانْقِيَادُ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْإِجْمَاعِ فِيهِ، لِأَنَّ مَا عُلِمَ حُكْمُهُ ضَرُورَةً لَوْ صُوِّرَ أَنَّ الْأُمَّةَ خَالَفَتْهُ لَكَانُوا مَحْجُوبِينَ بِهِ فَصَارَ حُكْمُهُ ثَابِتًا بِغَيْرِ الْإِجْمَاعِ لِكَوْنِهِ حُجَّةً عَلَى الْإِجْمَاعِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْ ضَرُورَةٍ وَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا اشْتَرَكَ فِيهِ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِهِ كَأَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ، وَمَوَاقِيتِ الصَّلَوَاتِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَتَحْرِيمِ بِنْتِ الْبِنْتِ، كَالْبِنْتِ، وَإِحْلَالِ بِنْتِ الْعَمِّ، بِخِلَافِ الْعَمَّةِ، فَهَذَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ، وَهَلْ يَكُونُ إِجْمَاعُ الْعَامَّةِ مَعَهُمْ مُعْتَبَرًا فِيهِ؟ لَوْلَا وَفَاقُهُمْ عَلَيْهِ مَا ثَبَتَ إِجْمَاعًا عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ مُعْتَبَرٌ فِي انْعِقَادِهِ وَلَوْلَاهُ مَا ثَبَتَ إِجْمَاعًا لِاشْتِرَاكِهِمْ وَالْعُلَمَاءَ فِي الْعِلْمِ بِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ فِيهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَهُوَ مُنْعَقِدٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ دُونَهُمْ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا وَقَعَ عَنْ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، وَلَيْسَ الْعَامَّةُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِمَنْ يَكُونُ خِلَافُهُ مُؤَثِّرًا وَخِلَافُ الْعَامَّةِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، فَكَانَ إِجْمَاعُهُمْ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ.
1 / 27