الهوامل والشوامل

أبو علي مسكويه ت. 421 هجري
58

الهوامل والشوامل

محقق

سيد كسروي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

مكان النشر

بيروت / لبنان

وفإنهم - رضى الله عَنْهُم - مَا أسفوا وَلَا بخلوا وَلَكِن لم يَجدوا إِلَى هَذَا الْمَطْلُوب إِلَّا طَرِيقا وَاحِدًا فسلكوه وسهلوه بغاية جهدهمْ ودلوا عَلَيْهِ وأرشدوا عَلَيْهِ وَهُوَ غَايَة سَعَادَة الْبشر فَمن اشتاق إِلَيْهِ فليتكلف الصَّبْر على سلوك الطَّرِيق إِلَيْهِ صعبًا كَانَ أَو سهلًا وطويلًا كَانَ أم قَصِيرا على عَادَة المشتاق فَإِنَّهُ يسْلك السَّبِيل إِلَى الظفر بمحبوبه كَيفَ كَانَت غير مفكر فِي الوعورة والبعد. وَمن لم يُعْط الصَّبْر على هَذَا السلوك فليقنع برخص الْأَلْفَاظ وَالصِّفَات الْمُطلقَة لَهُ فِي الشَّرَائِع الصادقة الْمُعْتَادَة وليصدق الْحُكَمَاء والأنبياء والمقتدين بهم وليحسن الظَّن فَلَيْسَ يجد غير هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ. وَالله ولى المعونة والتوفيق. مَسْأَلَة اختيارية لم إِذا اشْتَدَّ الْأنس واستحكم والتحمت الزلفة وَطَالَ الْعَهْد - سقط التَّقَرُّب وسمج الثَّنَاء وَمن أَجله قيل: إِذا قدم الإخاء سقط الثَّنَاء. وَهَذَا عيانة مشهود وَخَبره مَوْجُود. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: إِن الثَّنَاء فِي الْوَجْه وَغير الْوَجْه إِنَّمَا هُوَ إِعْطَاء الْمثنى عَلَيْهِ حُقُوقه من أَوْصَافه الجميلة وَالِاعْتِرَاف بهَا لَهُ وإعلامه أَن الْمثنى قد شعر بهَا وأوجبها لَهُ وَسلمهَا إِلَيْهِ ليصير ذَلِك لَهُ قربَة ووسيلة ولتحدث بَينهمَا الْمَوَدَّة والمشاكلة وليستجلب الود وتستحكم الْمعرفَة. فَإِذا حصلت هَذِه الْأُمُور فِي نفس كل وَاحِد مِنْهُمَا وَعلم الْمثنى عَلَيْهِ أَن الْمثنى قد أنصفه وَسلم إِلَيْهِ حَقه واعترف لَهُ بفضله وَلم يبخسه مَاله وَحدثت الْمَوَدَّة والمحبة الَّتِي هِيَ نتيجة الْإِنْصَاف وَثَمَرَة الْعدْل وَقد

1 / 89