الهوامل والشوامل
محقق
سيد كسروي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م
مكان النشر
بيروت / لبنان
افهم - عافاك الله - أَن أثار النَّفس وأفعالها كلهَا بديعة عِنْد الْحس وَأَصْحَابه وَلذَلِك تَجِد أَكثر النَّاس متعجبين من النَّفس نَفسهَا ومتحيرين فِيهَا ظانين بهَا ضروب الظنون وَلَيْسَ يخلون مَعَ كَثْرَة تفننهم فِي هَذِه الظنون من أَن يجعلوها جسمًا على عاداتهم فِي الْحس وتصورهم فِي المحسوسات ثمَّ يَجدونَ أَفعَال هَذِه النَّفس وآثارها غير مشبهة شَيْئا من آثَار الْجِسْم وأفعاله فَيَزْدَاد تعجبهم وَلَو أَنهم حصلوا مائية النَّفس لَكَانَ تعجبهم من آثارها أقل إِذْ كَانَت هِيَ غير جسم وَلَو صَحَّ لَهُم أَنَّهَا جسم لم يكن بديعًا عِنْدهم أَن تكون آثارها غير جسمانية. وَلما كَانَ الشَّاعِر المفلق والناظر فِي الْمَسْأَلَة العويصة مكن الْحساب وَغَيره من الصناعات - إِنَّمَا يَسْتَدْعِي نظرا نفسانيًا ووجودًا عقليًا ويحرك نَفسه حَرَكَة غير مكانية ليظفر بمطلوب غير جسماني ثمَّ وجد هَذِه الْحَرَكَة من النَّفس مفضية بالإدمان والإمعان إِلَى وجود الْمَطْلُوب - عجب هُوَ أَولا من هَذِه الْحَرَكَة الَّتِي يجدهَا من نَفسه ضَرُورَة وَلَيْسَت مكانية على عَادَة الْجِسْم فِي حَرَكَة الْجِسْم ثمَّ من وجوده الْمَطْلُوب بعقب هَذِه الْحَرَكَة. عرض لَهُ هَذَا الْعَارِض من التَّعَجُّب وَلم يكن السَّامع أولى بِهَذَا التَّعَجُّب مِنْهُ لِأَنَّهُمَا قد اشْتَركَا فِي الْجَهْل بِالنَّفسِ وبآثارهما وأفعالهما وكل وَاحِد مِنْهُمَا حقيق بالتعجب. فَأَما الْعَارِف بِالنَّفسِ وجوهرها الْعَالم أَنَّهَا لَيست بجسم وَأَن آثارها وأفعالها لَا يجب أَن تكون جسمانية - فَإِنَّهُ لَا يعْتَرض لَهُ هَذَا العارضفي نَفسه وَكَذَلِكَ صُورَة مستمعة إِذا كَانَ عَالما كعلمه
1 / 86