36

الهوامل والشوامل

محقق

سيد كسروي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

مكان النشر

بيروت / لبنان

وَأَنَّهَا مرض سَببه مكاذبة النَّفس وَذَلِكَ أَن حَقِيقَة الْعجب هِيَ ظن الْإِنْسَان بِنَفسِهِ من الْفضل مَا لَيْسَ فِيهِ وظنه هَذَا كذب ثمَّ يستشعره حَتَّى يصدق بِهِ فَتكون صورته صُورَة من يرى رجلا فِي الْحَرْب شجاعًا يحمل على الْأَبْطَال وَيظْهر فَضِيلَة شجاعته فَيَكْفِي الْعَدو ويفنى الْقرن وَهَذَا الرَّأْي عَنهُ بمعزل ناكص على عَقِبَيْهِ ناء بجانبه وَهُوَ ذَاك يَدعِي تِلْكَ الشجَاعَة لنَفسِهِ فَهُوَ يكذبها فِي الدَّعْوَى ثمَّ يصير مُصدقا بهَا وَهَذَا من أعجب آفَات النَّفس وأكاذيبها لأجل أَن الْكَذِب فِيهِ مركب فقد يكذب الْإِنْسَان غَيره ليصدقه الْغَيْر فيموه نَفسه عَلَيْهِ فَأَما أَن يموه نَفسه بِالْكَذِبِ ثمَّ يصدق فِيهِ نَفسه فَهُوَ مَوضِع الْعجب وَالْعجب. وَلأَجل هَذَا التَّرْكِيب الَّذِي عرض فِي الْكَذِب صَار أشنع وأقبح من الْكَذِب نَفسه الْبَسِيط الْمَعْرُوف. وَإِذا كَانَ الْعَالم الْفَاضِل لَا تقترن بِهِ آفَة الْكَذِب الْبَسِيط لمعرفته بقبحه لَا سِيمَا إِذا اسْتغنى عَنهُ - فَهُوَ من الآفة المركبة أبعد. فَلذَلِك قلت: إِن الْعَالم لَا يعجب فقد صَارَت هَذِه الْمَسْأَلَة مَرْدُودَة غير مَقْبُولَة. فَأَما مَا يعرض من الْعجب لمن يظنّ أَنه عَالم فَلَيْسَ من الْمَسْأَلَة فِي شَيْء.
(مَسْأَلَة مَا سَبَب الْحيَاء من الْقَبِيح مرّة وَمَا سَبَب التبجح بِهِ مرّة)
وَمَا الْحيَاء أَولا فَإِن فِي تحديده مَا يقرب من البغية ويسهل دَرك الْحق وَمَا ضمير قَول النَّبِي ﷺ الْحيَاء شُعْبَة من الْإِيمَان؟

1 / 67