277

الهوامل والشوامل

محقق

سيد كسروي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

مكان النشر

بيروت / لبنان

ضَرْبَة على وُجُوه تصاريفها وَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا مَعَ دربة ورياضة.
(مَسْأَلَة مَا السَّبَب فِي استيحاش الْإِنْسَان من نقل كنيته أَو اسْمه)
فقد رَأَيْت رجلا غير كنيته لضَرُورَة لحقته وَحَال دَعَتْهُ فَكَانَ يتنكر ويقلق وَكَانَ يكنى أَبَا حَفْص فاكتنى أَبَا جَعْفَر وَكَانَ سَببه فِي ذَلِك أَنه قصد رجلا يتشيع فكره أَن يعرفهُ بِأبي حَفْص. وَكَيف صَار بعض النَّاس يمقت الشَّيْء لاسمه دون عينه أَو للقبه دون جوهره. وَمَا النفور الَّذِي يسْرع إِلَى النَّفس من النبز واللقب. وَمَا الشكون الَّذِي يرد على النَّفس من النَّعْت وَمَا هما إِلَّا متقاربان فِي الظَّاهِر متدانيان فِي الْوَهم. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: إِن الْمعَانِي تلزمها الْأَسْمَاء ويعتادها أهل اللُّغَات على مر الْأَيَّام حَتَّى تصير كَأَنَّهَا هِيَ وَحَتَّى يشك قوم فيزعمون أَن الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى وَحَتَّى زعم قوم أفاضل أَن الأسامى بالطباع تصير إِلَى مُطَابقَة الْمعَانِي كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِن الْحُرُوف الَّتِي تؤلف لِمَعْنى الْقيام أَو الْجُلُوس أَو الْكَوْكَب أَو الأَرْض لَا يصلح لغَيْرهَا من الْحُرُوف أَن تسمى بِهِ لِأَن تِلْكَ بالطبع صَارَت لَهُ. واضطر لأجل هَذِه الدَّعْوَى أَن يشْتَغل كبار الفلاسفة فِي بمناقضتهم وَوضع الْكتب فِي ذَلِك فَلَيْسَ بعجب أَن يألف إِنْسَان اسْم نَفسه حَتَّى إِذا غير ظن أَنه إِنَّمَا يُغير هُوَ وَإِذا دعى بِغَيْر اسْمه فَإِنَّمَا دعى غَيره بل يرى كَأَنَّمَا بدل بِهِ نَفسه. وَلَقَد سَمِعت بعض المحصلين يستشير طَبِيبا وَيخَاف فِيمَا يشكوه أَنه قد أَصَابَهُ الماليخوليا.

1 / 308