273

الهوامل والشوامل

محقق

سيد كسروي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

مكان النشر

بيروت / لبنان

الْوُجُود. وَلَكِن الْمَطْلُوب من كل علم هُوَ الْوُقُوف على كلياته الَّتِي تَشْمَل على جَمِيع أَجْزَائِهِ بِالْقُوَّةِ. مِثَال ذَلِك أَن الطِّبّ إِذا تعلمت أُصُوله وقوانينه الَّتِي بهَا يسْتَخْرج نوع الْمَرَض وَنَوع العلاج فقد كفي فِيهِ ذَلِك. فَأَما أَن يعرف مِنْهُ جَمِيع أَجزَاء الْأَمْرَاض فَذَلِك محَال. وَكَذَلِكَ تَجِد كتب جالينوس وَغَيره من الْأَطِبَّاء فَإِنَّهَا تعلمك أصُول الْأَمْرَاض والعلاجات فَإِذا باشرت الصِّنَاعَة ورد عَلَيْك من أَجزَاء مرض وَاحِد مَا لَا يمكنك إحصاؤه وَيبقى من أَجْزَائِهِ مَا لَا يُمكن أحصاؤه أحدا بعْدك. وَإِذا كَانَ الْأَمر على ذَلِك فَالْجَوَاب عَن مسألتك يكون مُقَيّدا على مَا ذكرته. فَأَما اخْتِلَاف الطّرق والعبارات فَلَا معنى لتعاطي مَعْرفَتهَا فَإِن الْمَقْصُود من الْعُلُوم هِيَ ذواتها وَأما قَوْلك: هَل يجب فَأَقُول: إِنَّه وَاجِب لِأَن التفلسف وَاجِب من أجل أَنه كَمَال الإنسانية وبلوغ أقْصَى درجتها. وكل شَيْء كَانَ كَمَال فَإِن غَايَته الْبلُوغ إِلَى ذَلِك الْكَمَال. وَمن قصر من النَّاس عَن بُلُوغ كَمَاله مَعَ حُصُول الْأَسْبَاب وارتفاع الْمَوَانِع عَنهُ فَهُوَ غير مَعْذُور فِيهِ. وَأما قَوْلك: هَل يُوجد فَإِنَّهُ مَوْجُود لِأَن الفلسفة مَوْجُودَة وَهِي صناعَة الصناعات وَمَا تب شَيْء من أَجْزَائِهَا كَمَا رتبت هِيَ نَفسهَا فَإِنَّهُ قد بدىء من أدنى دَرَجَة يبتدىء بهَا المتعلم إِلَى أقْصَى مرتبَة يجوز أَن يبلغهَا. وَهَذَا لجميعه أصُول وشروح على غَايَة الْأَحْكَام وَهِي مَعْرُوفَة مَوْجُودَة غير مَمْنُوع مِنْهَا وَلَا مضنون بهَا على من يطْلبهَا وَفِيه منَّة لتعلُّمها.

1 / 304