260

الهوامل والشوامل

محقق

سيد كسروي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

مكان النشر

بيروت / لبنان

الْأَشْيَاء طَوْعًا وَكرها وأشارت إِلَيْهِ تعريضًا وَتَصْرِيحًا. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: الْغَضَب فِي الْإِنْسَان يكون بِالْقُوَّةِ إِلَى أَن يُخرجهُ إِلَى كَذَلِك سَائِر قوى النَّفس. وَمَا يُخرجهُ إِلَى الْفِعْل يَنْقَسِم قسمَيْنِ: إِمَّا من خَارج وَإِمَّا من دَاخل. فَالَّذِي يكون من خَارج فَهُوَ مثل انتهاك الْحُرْمَة وَشتم الْعرض وَمَا أشبه ذَلِك. وَالَّذِي يكون من دَاخل فَهُوَ تذكر الذُّنُوب والأحقاد وَجَمِيع الْأَحْوَال الَّتِي من شَأْنهَا قدح هَذِه الْقُوَّة. وَمن شَأْن النَّفس إِذا كَانَت سَاكِنة وَالتَّمْر الْإِنْسَان فعلا قَوِيا مِنْهَا لم تستجب لَهُ الْأَعْضَاء عَمَّا يلْتَمس فَحِينَئِذٍ يضْطَر إِلَى تَحْرِيك النَّفس وإثارتها. وبحسب تِلْكَ الْحَرَكَة من النَّفس تكون قُوَّة ذَلِك الْفِعْل. وَأَنت تتبين ذَلِك من المسرور إِذا أَرَادَ أَن يظْهر غَضبا أَو يفعل فعل الغضوب كَيفَ تتخاذل أعضاؤه وَيظْهر عَلَيْهِ أثر التَّكَلُّف فَرُبمَا أضْحك من نَفسه وَضحك هُوَ أَيْضا فِي أحْوج مَا كَانَ إِلَى قُوَّة الْغَضَب فَيحْتَاج فِي تِلْكَ الْحَال إِلَى إثارة الْقُوَّة الغضبية بتذكر أَمر يهيج تِلْكَ الْقُوَّة حَتَّى يصدر فعله على مَا يَنْبَغِي. وَهَذِه الْحَال تعرض فِي الْحَرْب إِذا لم يخص الْمُحَارب أمرهَا. وأعني بذلك أَن الْمُحَارب رُبمَا حضر الْحَرْب الَّتِي لَا يَخُصُّهُ أمرهَا بل لمساعدة غَيره أَو لأجرة وَهُوَ تذكر لأحوال شجاعات ظَهرت لأولين ليَكُون ذَلِك قدحًا لَهُ،

1 / 291