258

الهوامل والشوامل

محقق

سيد كسروي

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

مكان النشر

بيروت / لبنان

فَإِن الِاضْطِرَاب يظْهر هُنَاكَ مثل مَا يظْهر هَهُنَا.
(مَسْأَلَة لم إِذا كَانَ الْوَاعِظ صَادِقا نجع كَلَامه ونفع وعظه وَسَهل الِاقْتِدَاء بِهِ)
وَخفت الطَّاعَة لَهُ وَالْأَخْذ بِمَا قَالَه وَلم إِذا كَانَ بِخِلَاف ذَلِك لم يُؤثر كَلَامه وَإِن راق وَلَا ينفع وعظه وَإِن بلغ وَمَا فِي انسلاخه من حَقِيقَة مَا يَقُول مَعَ حَقِيقَة القَوْل وَصِحَّة الدّلَالَة وسطوع الْحجَّة وَكَيف صَار فعله مشيدًا لقَوْله وخلافه موهنًا لدلالته أَلَسْت الْحِكْمَة قَائِمَة فِي نَفسهَا مُسْتَقلَّة بِصِحَّتِهَا وَلِهَذَا قيل: الموعظة إِذا خرجت من الْقلب وَقعت فِي الْقلب وَإِذا خرجت من اللِّسَان لم تجَاوز الآذان. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: لِأَن المواعظ إِنَّمَا يَأْمر بِمَا عِنْده أَنه الأصوب فَإِذا خَالف نَفسه أوهم غَيره أَنه كذب وغش وَإِنَّمَا نهى عَن الدُّنْيَا لتترك لَهُ وتوفر عَلَيْهِ. وَظن من عجز عَن رتبته وَسقط عَن بُلُوغ دَرَجَته فِي النّظر أَنه إِنَّمَا يقتدر على الْوَعْظ بِحسن اقتداره على التلبيس وَإِظْهَار المموه فِي صُورَة الْحق. وَلَو اعْتقد مَا يظْهر بِلِسَانِهِ لعمل بِحَسبِهِ فَهَذَا وأشباهه يعرض فِي قلب المستمع لوعظ من لَا يعْمل بوعظه. هَذَا. وَرُبمَا كَانَ أَكثر من ترَاهُ من الواعظين هُوَ بِالْحَقِيقَةِ غير مُعْتَقد لما يظهره وَإِنَّمَا غَايَته أَن يشغل النَّاس عَمَّا فِي أَيْديهم أَو لتتم لَهُ

1 / 289