الهوامل والشوامل

أبو علي مسكويه ت. 421 هجري
166

الهوامل والشوامل

محقق

سيد كسروي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

مكان النشر

بيروت / لبنان

دَامَ مستبطنًا وَغير بارز من الْبدن فَهُوَ مُحْتَمل بِالضَّرُورَةِ فَإِذا برز عفناه - حِينَئِذٍ - وتكرهناه وتقررنا مِنْهُ. وَهَهُنَا أَشْيَاء أخر ينفر مِنْهَا الْإِنْسَان بِالْعَادَةِ ويألفها أَيْضا بِالْعَادَةِ وَلَيْسَ مَا نَحن فِيهِ من هَذِه الْمَسْأَلَة فِي شَيْء. فَأَما قَول النَّبِي ﵇ (البذاذة من الْإِيمَان) فَهُوَ بعيد من هَذَا النمط الَّذِي كُنَّا فِي ذكره فَإِن من كَاد باذ الْهَيْئَة يكره الدنس وَيُحب النَّظَافَة وَلَيْسَ يخالفك فِي شَيْء مِمَّا تؤثره من معنى الطَّهَارَة فَإِن خالفك فَلَيْسَ من حَيْثُ بذاذة الْهَيْئَة لَكِن كَمَا يخالفك غَيره مِمَّن لَيْسَ بباذ الْهَيْئَة. وَكَذَلِكَ حَال التقشف الَّذِي حكيت فِيهِ كلَاما مَا عَن بعض الصُّوفِيَّة فَإِن تِلْكَ الْمعَانِي هِيَ مَوْضُوعَات أخر لَيست مِمَّا كُنَّا فِيهِ وَالْكَلَام فِيهَا يتَّصل بمعاني الْعِفَّة والقناعة والاقتصاد وَهِي فَضَائِل قد استقصى الْكَلَام فِيهَا فِي مَوَاضِع أخر. فَأَما قَول الْقَائِل: سر الصُّوفِي إِذا صفا لم يحْتَمل الجفا وَقَول الآخر: إِذا صفا السِّرّ انْتَفَى الشَّرّ فَهُوَ إِيمَاء إِلَى مَرَاتِب النَّفس من المعارف ومنازل الْيَقِين. ولعمري أَن

1 / 197