الهوامل والشوامل
محقق
سيد كسروي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م
مكان النشر
بيروت / لبنان
فَإِذا حصل فِي هَذِه الرُّتْبَة فَهُوَ شُجَاع وممدوح وكما أَرَادَهُ الله تَعَالَى مِنْهُ على خلقه لَهُ. وَقد بَقِي فِي الْمَسْأَلَة مَوضِع شكّ وَهُوَ أَن يَقُول قَائِل: إِن كَانَ قَاتل نَفسه إِنَّمَا ظهر مِنْهُ هَذَا الْفِعْل بِحَسب الْقُوَّة الغضبية فَهُوَ شُجَاع والشجاع مَحْمُود وَنحن نعلم أَن هَذَا الْفَاعِل بِنَفسِهِ هَذَا الْفِعْل مَذْمُوم فَكيف حَاله وَأَيْنَ مَوضِع الشجَاعَة الممدوح فَنَقُول: لعمري إِن هَذَا الْفِعْل من أثر الْقُوَّة الغضبية وَلكنه بِحَسب رذيلتها وتقصيرها عَمَّا يَنْبَغِي لَا بِحَسب الزِّيَادَة وَلَا بِحَسب الِاعْتِدَال الَّذِي سميناه شجاعة وَذَلِكَ أَن الْمَرْء الَّذِي يخَاف أمرا فِيهِ من فقر أَو شدَّة وَلَا يرحب ذرعًا بِهِ وَلَا يستقبله بعزيمة قَوِيَّة وَمِنْه تَامَّة - جبان ضَعِيف فيحمله هَذَا الْجُبْن على أَن يَقُول: أستريح من تحمل هَذِه الْمَشَقَّة الَّتِي ترد عَليّ. وَهَذَا هُوَ النّكُول والضعف الْمُسَمّى جبنا. وَقد ذكرنَا أَن قُوَّة الْغَضَب رُبمَا كلت ونقصت عَمَّا يَنْبَغِي فَتكون رذيلة ومنقصة وَلَا تسمى شجاعة وَلَا يكون صَاحبهَا مَحْمُودًا وَلَا ممدوحًا.
مَسْأَلَة كَيفَ صَار يخلص فِي وَقت مُعْتَاد النِّفَاق؟
ويتيقن من اشْتَمَل بالريب وَيَسْتَيْقِظ من هُوَ رَاقِد ويتنصح من هُوَ غاش وَكَيف صَار - أَيْضا - ينافق من نَشأ على الْإِخْلَاص ويريب من ألف النزاهة وعَلى هَذَا كَيفَ يكون يخون من اسْتمرّ على الْأَمَانَة سِتِّينَ عَاما ويتحرج من عتق فِي الْخِيَانَة سِتِّينَ عَاما مَا هَذِه الْعَوَارِض الْمُخْتَلفَة والعادات المستطرفة؟
1 / 190