الهوامل والشوامل
محقق
سيد كسروي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م
مكان النشر
بيروت / لبنان
فَأَما النَّفس الناطقة فَلَا حَاجَة بهَا إِلَى الْأكل وَالشرب. وَلما كَانَت الْمَلَائِكَة أشرف من الْأنس لاستعانها بذاتها عَن الْغذَاء وَبَقَاء خُرُوجهَا جوهرها - كَانَ الْإِنْسَان الْمُنَاسب لَهَا بِنَفسِهِ أَكثر وأشرف من الْإِنْسَان الَّذِي يُنَاسب النَّبَات والبهائم نِسْبَة أَكثر. وكما أَن الْإِنْسَان يستخف بالنبات والبهيمة ويستخدمها ويعظم الْمَلَائِكَة ويسبحها فَكَذَلِك من الْوَاجِب فِي كل شَيْء كَانَ مناسبًا لتِلْك أَن يكون مهانًا مستخفًا بِهِ وَكلما كَانَ مناسبًا لهَذَا أَن يكون مُعظما مشرفًا. وَهَذَا أبين من أَن يبسط فِيهِ قَول ويتكلف لَهُ جَوَاب وَلَكنَّا لم نحب الْإِخْلَال بِالْمَسْأَلَة رَأْسا فَلذَلِك علقنا فِيهِ هَذَا الْقدر.
(مَسْأَلَة لم صَار بعض النَّاس يولع بالتبذير مَعَ علمه بِسوء عاقبته)
وَآخر يولع بالتقتير مَعَ علمه بقبح القالة فِيهِ وَمَا الْفرق بَين الرزق وَالْملك فقد قَالَ لي شيخ من الفلاسفة - وَقد سمعنى أَشْكُو الْحَال - يَا هَذَا أَنْت قَلِيل الْملك كثير الرزق وَكم من كثير الْملك قَلِيل الرزق أَحْمد الله ﷿. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه ﵀: قد تقدم لنا فِي هَذِه الْمسَائِل كَلَام فِي السَّبَب الَّذِي يخْتَار النَّاس لَهُ فعل مَا تقبح عاقبته مَعَ علمهمْ بذلك وضربنا فِيهِ الْمثل بالمريض
1 / 150