تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته الأمم قبلها، ولقد ذكر لنا بعض من رأى أثره وأصابعه، فما زالت هذه الأمة تمسحه حتى اخلولق وانماح ".
١٣ - فصل
في رجب
نذكر أولا الأشهر الحرم وخصائصها وصيامها وقيامها، وهل أحكامها منسوخة أم لا؟
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾، وهن: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.
ومعنى حُرُمٌ: تعظم انتهاك المحارم فيها بأشد مما تعظم في غيرها.
وكانت العرب تعظمها حتى لو لقي الرجل منهم قاتل أبيه؛ لم يهجه، وكانوا يسمون رجبا: (منصل الأسنة)؛ ينزعون فيه الأسنة من الرماح؛ توقيا للقتال.
وأصل هذا اللفظ من (الحرام)، و(الحرام): المحظور بعض أحواله، فالأم حرام؛ لحظر نكاحها، والخمر حرام؛ لحظر شرابها والاتخاذ لها والمعاملة بها، والمسجد الحرام؛ لحظر صيده وسفك الدم فيه وابتذاله بما يبتذل به غيره.