ليس الإنسان شيئا أكثر من أن يكون المشروع الذي شرعه وخططه لنفسه، ووجوده نفسه ليس قائما إلا على الحدود والقياسات التي يحققها لنفسه، وهو إذن ليس شيئا أكثر من مجموع أعماله، ليس شيئا أكثر من حياته.
نحن أحرار؛ إذ نحن نختار أحسن ما نجد فنخطط مشروع حياتنا، وإذن نحن نخترع شخصيتنا. أجل، إن سارتر يقول: إن الإنسان يخترع الإنسان. ويقول بالحرف:
ليس الإنسان شيئا آخر غير مجموع مشروعاته، هو مجموع علاقاتها الواحد مع الآخر.» وهو يلحظ هنا أن هذا المذهب يكرهه كثيرون ممن لن يصيبوا نجاحا في الحياة، ولكننا نحملهم مسئولية فشلهم؛ لأنهم أساءوا الاختيار حين اختاروا عملا معينا يرتزقون منه، أو أخلاقا معينة اتخذوها للسلوك العام أو الخاص، أو حين اختاروا زوجاتهم أو أصدقاءهم أو نحو ذلك، ويقول: «هاك رجلا يرتبط بعمل ويؤدي خدمة، وهو بهذا قد رسم حياته بل ليس هناك من حياته ما يزيد على ذلك، وواضح أن هذه الفكرة تبدو قاسية عند أولئك الذين لم ينجحوا في الحياة.
ما هي النقطة البؤرية عن سارتر؟
هي إلحاده، هي أن يقول إننا - نحن البشر - يتامى في هذا الكون ليس لنا سند نستند إليه في اتخاذ الأخلاق أو تعيين الأهداف، «نحن همل» نحن سدى، قد حكم علينا بالحرية، هي حكم علينا، وهي ليست ميزة لنا.
ولذلك، لأننا أحرار، نحن في قلق، نحن في حيرة ، كيف أختار؟ كي أخطط حياتي؟ كي أنجز مشروع حياتي؟
ويتذكر سارتر هنا قول دستوفسكي: «إذا لم يكن الله موجودا فكل شيء «يجوز»؛ أي إن الإنسان عندئذ يصبح مجرما يرتكب ما يشاء من جرائم كما تمليها عليه شهواته.» ولكن سارتر يرد فيقول: لا، إنما الإنسان حر؛ لأنه مسئول، وهذه الشهوات لا تقود الإنسان، إنما الإنسان هو الذي يقودها، وهو مسئول عن التصرف بها.
هذه المسئولية هي التي تدفعه في النهاية إلى أن يكون مسئولا عن المجتمع؛ لأنه ما دام يختار أحسن الأشياء لنفسه فهو أيضا يختار هذه الأشياء ذاتها للمجتمع الذي يعيش فيه، وهو يقول بالحرف:
إننا حين نطلب الحرية لأنفسنا نجد أنها تتوقف على حرية الآخرين كما تتوقف على حريتنا.
وهذا عنده الرد الكافي على دستوفسكي. وإليك منه هذه المقتبسات المثيرة:
صفحة غير معروفة