فارتعش وقال: هذه الرسالة وحدها تكفي لإهدار دمي ومحو اسمي من سجل الوجود. ثم نظر في رسالة أخرى وقرأ:
رأيت محمد بن عباس بالأمس، فرأيت الجهل في ثياب، والوقاحة في جلباب، نظر إلي نظرة البطرة الأشر، كأنه يظن الشمس تشرق بأمره، وأن الألسنة تسبح بحمده، غني المال ، فقير العرض، دنس الذيل هزيل المروءة.
فجمجم وقال: وهذه أشد وأنكى، ثم قرأ في رسالة ثالثة:
وهذا عبد العزيز بن حسن ابن عم عميد الجماعة، سألني اليوم عن بيت من الشعر، فوالله ما أقام له وزنا، ولا عرف له معنى، يا له من عتل زنيم،
10
وثعلب لئيم، يقضي ليله بين الكاسات، ونهاره في ظلم المسلمين والمسلمات.
فاضطرب وقال: وهذه ثالثة الأثافي. ثم صاح: يا علي هات موقد النار. فلما حمله إليه قذف فيه بالرسائل، ولم تهدأ له نفسه حتى رآها رمادا.
الفصل السادس
ومرت الأيام تتلو الأيام وابن زيدون في أطيب عيش وأهدأ بال. أقبلت عليه الدنيا بعد تدلل وشماس،
1
صفحة غير معروفة