ولعمري أن شيئا ينزل المملوك منزلة الملوك ، ويحل التابع محل المتبوع ، ويحكم به السوقة على الملك العظيم ، لحقيق أن ينافس فيه ، ويحسد صاحبه عليه ، ويجتهد في طلبه أشد الاجتهاد ، وأمرا يخدم فيه عبد الله بن عمر مجاهدا ، ومجاهد هو ابن جبر ، أحد مماليك مكة ، وعبد الله عبد الله في فضله وزهده وورعه وشهرة اسمه ، أبوه في شرفه ومكانه من الصحية ، ثم من رتبة الخلافة ، وملكه الأرض شرفا وغربا ، وطاعة أهل الإسلام والكفر له طوعا وكرها ، لحرى أن يرغب فيه العاقل ويحافظ عليه اللبيب .
وشيبة بفعل ابن عمر ، ما روي أن عدي بن أرطأة ، وهو أمير المدينة ، قال لوكيع بن أبي سود : سو علي ثيابي
فقال وكيع : أيها الأمير ذكرتني ضيق خفي .
فضحك عدي وقال : إن الأخ يلي من أخيه ما هو أكبر من هذا .
فقال وكيع : إذا عزلت فكلفنا ما شئت
وكان وكيع مع ذلك يأخذ بركاب الحسن إذا أراد الركوب .
قال الشيخ أبو هلال : ولفضل العلم ذلت في التماسه الأعزاء ، وتواضع الكبراء ، وخضع لأهله ذوو الأحلام الراجحة ، والنفوس الأبية ، والعقول السليمة ، واحتملوا فيه الأذى ، وصبروا على المكروه . ومن طلب النفيس خاطر بالنفيس ، وصبر على الخسيس .
صفحة ٥٤