قوله: »وليسوا على ماء وليس معهم ماء« قال ابن حجر: واستدل بذلك على جواز الإقامة في المكان الذي لا ماء فيه. قال: وفيه نظر؛ لأن المدينة كانت قريبة منهم وهم على قصد دخولها، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بعدم الماء مع الركب وإن كان قد علم أن المكان لا ماء فيه ، ويحتمل أن يكون قوله: "ليس معهم" أي للوضوء، وأما ما يحتاجون إليه للشرب فيحتمل أن يكون معهم، والأول محتمل لجواز إرسال المطر أو نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم كما وقع في مواطن أخرى، وفيه اعتناء الإمام بحفظ <1/174> حقوق المسلمين. فإن قلت: فقد نقل ابن بطال أنه روي أن ثمن العقد المذكور كان اثني عشر درهما، ويلتحق بتحصيل الضائع الإقامة للحاق المنقطع ودفن الميت ونحو ذلك من مصالح الرعية، وفيه إشارة إلى ترك إضاعة المال، انتهى.
قوله: »فقام الناس إلى أبي بكر« إلخ، قال ابن حجر: "فيه شكوى المرأة إلى أبيها وإن كان لها زوج، وكأنهم إنما شكوا إلى أبي بكر لكون النبي صلى الله عليه وسلم كان نائما وكانوا لا يوقظونه، وفيه نسبة الفعل إلى من كان سببا فيه لقولهم: صنعت وأقامت، وفيه جواز دخول الرجل على ابنته وإن كان زوجها عندها إذا علم رضاه بذلك ولم تكن حالة مباشرة".
قوله: »فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول« قال ابن حجر: في رواية عمرو بن الحارث فقال: "حبست الناس في قلادة" أي بسببها، وسيأتي من الطبراني أن من جملة ما عاتبها به قوله: "في كل مرة تكونين عناء" والنكتة في قول عائشة: "فعاتبني أبو بكر" ولم تقل: "أبي" لأن قضية الأبوة الحنو، وما وقع من العتاب بالقول والتأديب بالفعل مغاير لذلك في الظاهر، فلذلك نزلته منزلة الأجنبي، انتهى.
صفحة ١٦٥