275

============================================================

وذلك لأن شرط هذا الباب أن يكون العاملان موجهين إلى شيء واحد كما قدمنا، ولو وجه هنا (كفاني) و (أطلب) إلى (قليل) فسد المعنى؛ لأن (لو) تدل على امتناع الشيء لامتناع غيره؛ فإذا كان ما بعدها مثبتأ كان منفيا؛ نحو: (لو جاءني أكرمته)، وإذا كان منفيا كان مثبتا؛ نحو: (لو لم يسيء لم أعاقبه) وعلى هذا فقوله: (أن ما أسعى لأدنى معيشة) منفي؛ لكونه في نفسه مثبتأ، وقد دخل عليه حرف الامتناع، وكل شيء امتنع لعلة؛ ثبت نقيضه، ونقيض السعي لأدنى معيشة: عدم السعي لأدنى معيشة . وقوله: (ولم أطلب) مثبت؛ لكونه منفيا ب (لم) وقد دخل عليه حرف الإمتناع؛ فلو وجه إلى (قليل) وجب فيه إثبات طلب القليل، وهو عين ما نفاه أولا، وإذا بطل ذلك تعين أن يكون مفعول (أطلب) محذوفا، وتقديره: (ولم أطلب الملك)، ومقتضى ذلك أنه طالب للملك، وهو المراد. فإن قيل: إنما يلزم فساد جعله من باب التنازع لعطفك (لم أطلب) على (كفاني )، ولو قدرته مستأنفا؛ كان نفيا محضا غير داخل تحت حكم (لو) قلت: إنما يجوز التنازع بشرط أن يكون بين العاملين ارتباط، وتقدير الاستئناف يزيل الارتباط: طرف البصريين بقوله: وليس من التنازع إلخ كذا قيل ولا يخفى ما في قوله إذ لا قائل بتساوي الإعمالين فتذكر (قوله لأن لو تدل على امتناع إلخ) أي: امتناع الجزاء لامتناع الشرط غالبا في المشهور (قوله وهو المراد) ويدل عليه قوله بعد: ولكنهما أسعى لمجد مؤثل وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي (قوله فإن قيل إلخ) قال اللاري: إن قلت : هذا إذا كان لم أطلب معطوفة على كفاني، أما إذا كانت الجملة حالية أو معترضة أو معطوفة على الشرط فلا يلزم هذا الفساد. قلنا لا يجوز الأول للزوم تقييد الجزاء بنقيض الشرط ولا الأخيران للزوم حمل الكلام على التأكيد دون التأسيس مع أن واو العطف والاعتراض ينبو عن ذلك وذلك لأن نفي السعي مستلزم لنفي الطلب، فإن قلت: السعي الطلب البليغ، فيكون أخص من الطلب ونفي الخاص لا يستلزم نفي العام. قلنا: المراد بالسعي هنا الطلب مطلقا، لأن 359)

صفحة ٣٥٩