حاشية ابن حجر الهيتمي على الإيضاح في مناسك الحج
الناشر
المكتبة السلفية ودار الحديث
مكان النشر
بيروت
تصانيف
أسمٌ لِكُلُّ لغْو وَخنىَّ وَفُجورٍ وَمجٍُون بَغيْرِ حَقٌّ، والفِسق الْخروَجُ عَنِ طَاعة الله تعالَى ( وَثَبْتَ ) فى الصَّحيحين عَنْ أَبِى هرِّيْرَةَ رضِىَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قَالَ الْعُمرَّةُ إِلَى الْعمُرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمْاَ وَالْحِجُّ الْمَبْرُورُ لِيْسَ لَهُ جَزَاءَ إلاّ اَلجَنةَ .
معصية بخلاف هذا فإنه يشترط خلوه عن معصية الجماع ومقدماته وعن الفسق دون غيرهما لكن يعارضه تفسيرهما الفسق بالمعاصى إلا أن يثبت عنهما أنهما أرادا بها الكبائر وعلم مما تقرر أن المراد باللغو وما بعده فى كلامه الإثم وفى اللغة اللغو السقط وما لا يعتدبه من كلام وغيره ويطلق على الإثم كما فى ((لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم)) والخنا الفحش والفجور الانبعاث فى المعاصى والزنا والزور الكذب والباطل والمجون عدم المبالاة مما يصدر منه من قول أو فعل ( قوله والفسق الخروج عن طاعة الله) أى بارتكاب كبيرة وكذا الإصرار على صغيرة إن غلبت معاصيه طاعاته وإلا فمجرد الخروج عن الطاعة لا يسمى فقاً شرعاً وحينئذ فإن أريد بالفسق فى الحديث هذا المعنى كان من عطف الخاص على العام ونكتته الاهتمام بشأن هذا الخاص وإن أريد مطلق المعضية كما دلت عليه عبارة المصنف كان من عطف المرادف بناء على ما نقله عن العلماء فى الرفث ولا خفاء أن الأول أحسن وأبين ( قوله والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) معناه أنه لا يقتصر فيه على تكفير بعض الذنوب بل لابد أن يبلغْ بصاحبه إلى الجنة ومن استوجبها لم تضره الذنوب المتقدمة والمتأخرة بخلاف الخروج منها كيوم الولادة فإنها إنما تتناول تكفير الذنوب الماضية فقط وحينئذ فاختلاف سياق الحديثين يدل على أن المبرور غير الذى لا رفث فية ولا فسوق وما ذكره المصنف فى تعريف الرفث والبريقتضى. اتحادهما فالأوجه أن يحمل ما نقله على مفهوم الرفث شرعاً وما قاله ابن عباس والأزهرى على المراد به فى الحديث فإن قلت يمكن أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أولا عن المبرور بأن فيه تكفير الذنوب الماضية فقط بقوله كيوم ولدته أمه ثم أخبر عنه ثانياً باطلاع اللّه له بأن فيه تکفیر الذنوب الآ تية بقوله ليس له جزاء إلا الجنة قلت هو ممکن لگنه خلاف ظاهر سیاق الحديثين كما هو ظاهر نعم قد يؤيده خبر ابن حبان الحجة المبرورة تكفر خطايا سنة واعلم أنهم اختلفوا فى تكفير المستقبل فى أن صوم عرفة يكفر السنة الآتية كالماضية فيقال بنظير ذلك هنا ففى المجموع ثم عن الحاوى معناه إما غفر ان ما يقع فيه وإما العصمة عن وقوع ذنب فيه وعن السرخسى أن هذين قولان العلماء وعبر عن الأول بأن ما فى السنة المقبلة من المعصية
14