حاشية السيوطي على سنن النسائي

جلال الدين السيوطي ت. 911 هجري
16

حاشية السيوطي على سنن النسائي

محقق

عبد الفتاح أبو غدة

الناشر

مكتب المطبوعات الإسلامية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٠٦ هجري

مكان النشر

حلب

وَعَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ فَحُمِلَ الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمَعْنَى الأول وَأَجَازَهُ جمَاعَة مِنْهُم بن عَمْرو بن سِيرِين وَالنَّخَعِيّ وَلَمْ يَحْتَجْ هَؤُلَاءِ إِلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى مَجَازِهِ مِنَ الْعِبَارَةِ بِالدُّخُولِ عَلَى إِرَادَتِهِ وَوَرَدَ فِي سَبَبِ هَذَا التَّعَوُّذِ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إِن هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْخُبُثُ بِضَمِّ الْبَاءِ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ يُرِيدُ ذُكْرَانَ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثَهُمْ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَقُولُونَ الْخُبْثُ سَاكِنَةُ الْبَاءِ وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ الْخُبُثُ مَضْمُومَةُ الْبَاءِ قَالَ وَأَمَّا الْخُبْثُ بِالسُّكُونِ فَهُوَ الشَّرُّ قَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ أَصْلُ الْخُبْثِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمَكْرُوهُ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْكَلَامِ فَهُوَ الشَّتْمُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمِلَلِ فَهُوَ الْكُفْرُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الطَّعَامِ فَهُوَ الْحَرَامُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الشَّرَاب فَهُوَ الضار قَالَ بن سَيِّدِ النَّاسِ وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ وَحَسْبُكَ بِهِ جَلَالَةً وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَكْثَرُ رِوَايَاتِ الشُّيُوخِ بِالْإِسْكَانِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ رُوِّينَاهُ بِالضَّمِّ والاسكان قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ مُؤَيِّدًا لِابْنِ سَيِّدِ النَّاسِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ مِثْلُ هَذَا غَلَطًا لِأَنَّ فُعُلَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ يُسَكِّنُونَ عَيْنَهُ قِيَاسًا فَلَعَلَّ مَنْ سَكَّنَهَا سَلَكَ ذَلِكَ الْمَسْلَكَ وَلَمْ يَرَ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ فِي إِيرَادِ الْخَطَّابِيِّ هَذَا اللَّفْظَ فِي جُمْلَةِ الْأَلْفَاظِ الْمَلْحُونَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخَبِيثَ إِذَا جُمِعَ يَجُوزُ أَنْ تُسَكَّنَ الْبَاءُ لِلتَّخْفِيفِ وَهَذَا مستفيض لَا يسع أحد مُخَالَفَتُهُ إِلَّا أَنْ يَزْعُمَ أَنَّ تَرْكَ التَّخْفِيفِ فِيهِ أَوْلَى لِئَلَّا يَشْتَبِهَ بِالْخُبْثِ الَّذِي هُوَ الْمصدر عَنْ رَافِعِ [٢٠] بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَهُوَ بِمِصْرَ يَقُولُ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَكُنَّا نَتَحَرَّفُ عَنْهَا قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ هَذَا فِي الْبَلَدَيْنِ مَعًا قَدِمَ كُلًّا مِنْهُمَا فَرَأَى مَرَاحِيضَهُمَا إِلَى الْقِبْلَةِ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الْكَرَايِيسِ بِيَاءَيْنِ مُثَّنَاتَيْنِ مِنْ تَحْتٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي الْكُنُفَ وَاحِدُهَا كِرْيَاسٌ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مُشْرِفًا عَلَى سَطْحٍ بِقَنَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَإِذَا كَانَ أَسْفَلَ فَلَيْسَ بِكِرْيَاسٍ سُمِّيَ بِهِ لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الْأَقْذَارِ وَيَتَكَرَّسُ كَكِرْسِ الدِّمَنِ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كتاب الْعين الكرناس بالنُّون

1 / 21