حاشية العطار على جمع الجوامع

حسن العطار ت. 1250 هجري
68

حاشية العطار على جمع الجوامع

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

بدون طبعة وبدون تاريخ

(مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُكَلَّفٌ) أَيْ مُلْزَمٌ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فَتَنَاوَلَ الْفِعْلَ الْقَلْبِيَّ الِاعْتِقَادِيَّ وَغَيْرَهُ وَالْقَوْلِيَّ وَغَيْرَهُ وَالْكَفَّ وَالْمُكَلَّفَ الْوَاحِدَ كَالنَّبِيِّ ﷺ فِي خَصَائِصِهِ وَالْأَكْثَرَ مِنْ الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَلِّقَ بِأَوْجُهِ التَّعَلُّقِ الثَّلَاثَةِ ــ [حاشية العطار] الْبَعْثَةِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ لُزُومِ لَغَوِيَّةِ قَوْلِهِمْ لَا حُكْمَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ تَأَمَّلْ جِدًّا. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الْأَقْيَسُ أَوْ فَتْحِهَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْكِسَائِيّ بِجَوَازِ إضَافَةِ حَيْثُ إلَى الْمُفْرَدِ أَوْ بِتَقْدِيرِ أَنْ يُجْعَلَ أَنَّ وَمَعْمُولَهَا فِي التَّقْدِيرِ اسْمَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ ثَابِتٌ فَعَدُّ الْفَتْحِ لَحْنًا غَيْرُ مُسَلَّمٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ مُلْزَمٌ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ) اعْتَرَضَهُ الشِّهَابُ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِذَلِكَ يُوجِبُ الدَّوْرَ إذْ التَّكْلِيفُ بِمَعْنَى إلْزَامِ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ نَوْعٌ مِنْ الْحُكْمِ فَإِدْخَالُهُ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ دَوْرٌ وَأَجَابَ سم بِأَنَّ هَذَا سَهْوٌ؛ لِأَنَّ أَخْذَ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْحُكْمِ فِي تَعْرِيفِهِ لَا يُوجِبُ الدَّوْرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعَلُّقُهُ بِدُونِ تَعَقُّلِ مَفْهُومِ الْحُكْمِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. وَأَقُولُ هَذِهِ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا كَيْفَ وَالْمُكَلَّفُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مَفْهُومُهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الذَّاتِ وَالْوَصْفِ كَمَا هُوَ حَالُ الْمُشْتَقَّاتِ وَتَعَقُّلُ مَفْهُومِ الْمُرَكَّبِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَعَقُّلِ كُلٍّ مِنْ جُزْئَيْهِ وَالتَّكْلِيفُ أَحَدُ جُزْئَيْهِ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إلَخْ مَمْنُوعٌ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَقُّلُ الذَّاتِ مُجَرَّدَةً عَنْ الْوَصْفِ فِي مَفْهُومِ الْمُشْتَقِّ وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ وَارْتِكَابُ التَّجْرِيدِ فِي مِثْلِهِ مُخِلٌّ بِالتَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: فَيَتَنَاوَلُ) أَيْ التَّعْرِيفَ لَا الْفِعْلَ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَالْمُتَعَلِّقَ بِأَوْجُهِ التَّعَلُّقِ الثَّلَاثَةِ إذَا الْمُتَعَلِّقُ هُنَاكَ صِفَةُ الْخِطَابِ اهـ. وَأَقُولُ يَصِحُّ رَفْعُ الْفِعْلِ وَنَصْبُ الْقَلْبِيِّ وَكَذَا رَفْعُ الْمُكَلَّفِ وَنَصْبُ الْوَاحِدِ وَرَفْعُ الْمُتَعَلِّقِ وَيُجْعَلُ مَفْعُولُهُ مُقَدَّرًا أَيْ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ تَبَاعُدًا عَنْ التَّكْرَارِ اللَّفْظِيِّ مَعَ ظُهُورِهِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ إسْنَادَ التَّنَاوُلِ إلَى ضَمِيرِ التَّعْرِيفِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ مَجَازٌ إذْ الْمُتَنَاوَلُ الْفِعْلُ أَوْ الْمُكَلَّفُ أَوْ الْمُتَعَلِّقُ (قَوْلُهُ: الِاعْتِقَادِيَّ) أَيْ كَاعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِقَادَ فِعْلٌ لِلنَّفْسِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ فَلَا يَكُونُ مُكَلَّفًا بِهِ نَفْسَهُ بَلْ بِأَسْبَابِهِ الْمُحَصِّلَةِ لَهُ. وَالْجَوَابُ بِأَنَّهُ يُعَدُّ فِعْلًا عُرْفًا لَا يَنْفَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ كَوْنَهُ لَيْسَ مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي هُوَ مَقْدُورٌ بِنَفْسِهِ لِلْمُكَلَّفِ وَلَا يَتَعَلَّقُ خِطَابُ التَّكْلِيفِ إلَّا بِهِ نَفْسِهِ أَفَادَهُ سم وَبِهِ يَظْهَرُ لَك مَا رَدَدْنَا بِهِ كَلَامَهُ سَابِقًا فِي إدْخَالِ مِثْلِ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ وَاجِبٌ تَحْتَ مَوْضُوعِ عِلْمِ الْفِقْهِ إذْ حَاوَلَ هُنَاكَ أَنَّ الِاعْتِقَادَ فِعْلٌ. وَأَمَّا أَنَّ الْمُكَلَّفَ بِهِ هَلْ هُوَ الْفِعْلُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ أَوْ الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ فَسَيَأْتِي فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ وَقَدْ بَسَطْنَاهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَقُولَاتِ الصُّغْرَى. (قَوْلُهُ: وَغَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الِاعْتِقَادِيِّ وَهُوَ الْفِعْلُ الْقَلْبِيُّ الَّذِي لَيْسَ اعْتِقَادِيًّا كَالنِّيَّةِ وَالْفِعْلِ الْقَوْلِيِّ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرَهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفِعْلِ الْقَلْبِيِّ وَالْقَوْلِيِّ كَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَفْعَالِ مِثْلِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ أَوْ غَيْرِ الْقَوْلِيِّ وَهُوَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ وَالْكَفَّ) أَيْ كَفَّ النَّفْسِ وَزَجْرَهَا الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ النَّهْيِ فَعَطْفُهُ عَلَى الْقَوْلِيِّ عَطْفٌ خَاصٌّ أَتَى بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِ شُمُولِ التَّعْرِيفِ لَهُ النَّاشِئِ عَنْ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَيْسَ فِعْلًا. (قَوْلُهُ: وَالْمُكَلَّفَ الْوَاحِدَ إلَخْ)؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ اسْمُ جَمْعٍ يَصْدُقُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَالتَّعْبِيرُ بِهِ أَظْهَرُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْمُكَلَّفِينَ لِظُهُورِ الْمُرَادِ فِي الْجِنْسِ دُونَ الْجَمْعِ وَفِي إدْخَالِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَالنَّبِيِّ ﷺ فِي خَصَائِصِهِ إدْخَالٌ لِنَحْوِ خُزَيْمَةَ فِي جَعْلِ شَهَادَتِهِ شَهَادَةَ اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرَ مِنْ الْوَاحِدِ) فِيهِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى نَحْمَدُك عِنْدَ قَوْلِهِ الْأَخْصَرُ مِنْهُ سُؤَالًا وَجَوَابًا فَلَا إعَادَةَ. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَعَلِّقَ) أَيْ وَالْخِطَابَ الْمُتَعَلِّقَ عَطْفٌ عَلَى الْفِعْلِ أَيْضًا قَالَ سم وَسَهَا شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ فِي بَعْضِ مَرَّاتِ تَدْرِيسِ الشَّرْحِ فَقَالَ

1 / 69