حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي الحنفي المعروف بشيخ زاده ت. 950 هجري
110

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

تصانيف

ولما كانت مسمياتها حروفا وحدانا وهي مركبة صدرت بها ليكون تأديتها بالمسمى أول ما يقرع السمع. واستعيرت الهمزة مكان الألف لتعذر الابتداء بها وهي ما لم تلها العوامل موقوفة خالية عن الإعراب لفقد موجبه ومقتضيه لكنها قابلة إياه اسمية أنفس الألفاظ الدالة عليها، إلا أن المصنف لم يلتفت إلى هذا الجواب لعدم كونه قطعي الدلالة على سقوط المعارضة لأن كلام المعارض مبني على أن الألفاظ المذكورة أعني ألف ولام وميم إعلام لأنفسها فيصح أن يطلق كل واحد منها ويراد به نفس ذلك اللفظ ويحكم على ذلك اللفظ بأنه حرف، ويجوز أن تكون الألفاظ إعلاما لأنفسها وتكون بحيث إذا أطلقت يراد بها نفس اللفظ المذكور كما في قولك: ضرب فعل ماض ومن حرف جر فإن المحكوم عليه بأنه فعل أو حرف إنما هو لفظ ضرب ولفظ من اللذين أحدهما فعل دال على المعنى المقترن بالزمان الماضي والآخر حرف دال على معنى في غيره عبر عنهما باسمهما العلم لهما. ذكر في الحواشي السعدية في بحث كلمة آمين أن كل لفظ وضع بإزاء معنى اسما كان أو فعلا أو حرفا فله اسم علم هو نفس ذلك اللفظ من حيث دلالته على ذلك الاسم أو الفعل أو الحرف كما تقول في قولنا: خرج زيد من البصرة خرج فعل وزيد اسم ومن حرف جر فتجعل كلا من الثلاثة محكوما عليه لكن هذا وضع غير قصدي لا يصير به اللفظ مشتركا ولا يفهم منه معنى مسماه إلى هنا كلامه. وقال نجم الأئمة الرضي في شرح الكافية: واعلم أنه إذا قصد بكلمة نفس ذلك اللفظ دون معناه كقولك: أين كلمة استفهام وضرب فعل ماضي فهي علم وذلك لأن مثل هذه الكلمة موضوع لشيء بعينه غير متناول غيره وهو منقول لأنه نقل من مدلول هو المعنى إلى مدلول آخر هو اللفظ. وإذا تبين كلام هذين الشيخين ظهر أن كلام المعارض مبني على أن المحكوم عليه بالحرفية في قوله عليه الصلاة والسلام: «بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف» هو أنفس هذه الألفاظ التي هي مدلولات ومسميات لأنفسها حتى يتم التقريب لأن الكلام في اسمية هذه الألفاظ وحرفيتها فلذلك لم يلتفت المصنف إلى هذا الجواب. قوله: (ولما كانت مسمياتها حروفا وحدانا) الوحدان جمع واحد كالركبان جمع راكب. لما استدل على كون الألفاظ المذكورة أسماء غير حروف بصدق حد الاسم عليها وباعتوار خواص الاسم عليها شرع في بيان وجه جعل المسميات في صدور تلك الأسماء. قال صاحب الكشاف: اعلم أن الألفاظ التي يتهجى بها أسماء مسمياتها الحروف المبسوطة التي منها ركبت الكلم فقولك: ضاد اسم سمي به ضه من ضرب إذا تهجيته، وكذلك راء وباء اسمان لقولك ره وبه، وقد روعيت في هذه التسمية لطيفة وهي أن المسميات لما كانت ألفاظا كأساميها وهي حروف وحدان والأسامي عدد حروفها مرتقى إلى الثلاثة اتجه لهم طريق إلى أن يدلوا في التسمية على المسمى فلم يغفلوها

صفحة ١١٦