والتفسير والأصلين والعربية، والمنطق نظارا زاهدا متعبدا، ومن مصنفاته هذا التفسير وهو أجلها ومنهاج الأصول وشرحه، وشرح مختصر ابن الحاجب ومتن في علم الهيئة وشرح المنتخب للرازي والطوالع والإيضاح في أصول الدين، والغاية القصوى في فقه الشافمي وشرح المصابيح ومختصر الكافية وتاريخ الدول الفارسية الذي سماه نظام التواريخ، وتوفي سنة خمس وثمانين وستمائة بتبريز وقال السبكي: سنة إحدى وتسعين وستمائة قدس الله روحه، ونوّر ضريحه.
أقول هذا هو المشهور والذي اعتمده وصححه المؤرّخون في التواريخ الفارسية أنه توفي
في شهر جمادى الأول سنة تسع عشرة وسبعمائة تقريبا ويشهد له ما في آخر تاريخه نظام التواريخ وهو المعتمد:
قوله: (الحمد لله الخ) براعة استهلال وفي نسخة القرآن بدل الفرقان والأولى موافقة للتنزيل إن فسر بما يكون مفرّقًا في النزول لا بالفارق بين الحق والباطل ونحوه بحسب الظاهر
بناء على الفرق بين التنزيل والإنزال بأن الأول التدريجي والثاني الدفعيّ، وهل هو أكثريّ أو كليّ أو عند القابل وضعيّ مستفاد مما يدلّ عليه التكثير أولًا ذهب إلى كل طائفة.
وسيأتي في محله ولا يرد هنا السؤال الوارد على النظم في سورة الفرقان بأنّ الموصول يقتضي سبق العلم بالصلة ليتعرّف بها وهذا ليس كذلك، فيجاب بأنه نزل منزلة المعلوم لسطوع برهانه ونحوه لأنه علم بعد ذلك فضلًا عن زمان التصنيف، والنزول وإن استعمل في الأجسام، والأعراض لا يوصف به إلا باعتبار محالها والقرآن من الأعراض الغير القارّة فلا يتصوّر إنزاله ولو بتبعية المحل فهو مجاز متعارف لوقوعه على مبلغه كما يقال نزل حكم الأمير من القصر، أو التنزيل مجاز عن إيحائه من الأعلى رتبة إلى عبده تدريجًا كالتجوّز في الطرف أو الإسناد، والقرآن مصدر قرأ قراءة وقرآنًا صار حقيقة في المقروء وهو كلام الله الذي بين دفتي المصحف ويطلق على المجموع، وعلى المشترك بينه وبين الأجزاء المختصة به، وعلى تلك الأجزاء، وعلى الكلام النفسيّ القائم بذاته، والظاهر اشتراكه بينها خلافًا لمن جعله حقيقة في أحدها، وقيل: المعرّف مخصوص بالجميع بخلاف المنكر حتى لو حلف لا يقرأ القرآن لا يحنث إلًا بقراءة الجميع بخلاف ما لو حلف لا يقرأ قرانًا ثم إنّ المصنف رحمه الله تعالى لم يقل تبارك مع أنه الموافق للنظم والمناسب للاقتباس المتعارف فيه ترجيحًا لمقتضي المقام من التصريح بالحمد.
وقيل: لا حاجة إلى العذر لأنه عند ارتكاب خلاف الظاهر إلا أن يقال إنه هو الظاهر بعد قصد الاقتباس، فإذا عارضه مقتضى المقام فرعايته أولى لأنّ مبنى البلاغة على مطابقته والاقتباس من المحسنات، وفيه نظر ثم إنه رتب استحقاق الحمد على تنزيل القرآن لبراعة الاستهلال مع أنه من أعظم النعم لأنّ به نظام المعاش والمعاد وقال على عبده موافقة للنظم، ولأنه أشرف الأوصاف لاقتضائه التمحيض لجانب الحق بخلاف النبوّة والرسالة، ولذا قال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [الإسراء: ١] كما قال الشاعر:
لاتدعني إلا بياعبدها ~ فإنه أشرف أسمائي
وإضافته لله للتشريف وفي كيفية نزوله كلام فقيل نزل جملة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وأمرت السفرة بانتساخه، ثم نزل إلى الأرض منجّما في ثلاث وعشرين سنة على حسب المصالح وإنّ جبريل تلقاه في مقامه عند سدرة المنتهى من حضرة القدس إمّا بسماعه بلا صوت ولا حرف أو بصوت من جميع الجهات على خلاف العادة أو من جهة بصوت غير مكتسب للعباد، وقيل: أخذ المعنى وخلق فيه علم ضروري بعبارته، وقيل: تلقاه بلفظه ومعناه بالذات أو بواسطة ملك آخر كما فصل في محله وقوله: (ليكون) فيه ضمير مستتر للعبد وهو الأظهر أو للقرآن، وقد جوّز أن يكون لله، ونذير بمعنى منذر أو مصدر بمعنى الإنذار كالنكير
والاقتصار على الإنذار إمّا اكتفاء والمعطوف مقدّر أي وبشيرًا، وحذف لتوافق النظم وفيل لأنه يعمّ الكل بخلاف البشير، والأوجه أن يقال اقتصر عليه ليوافق قوله فتحدّي إلخ إذ المعارضة إنما صدرت من الكفرة واللائق بهم الإنذار لا التبشير، وعلى تقدير عمومه فهو للبشر أو للثقلين، وهو المناسب للعالمين، لا يشمل الملائكة إلا بتكلف أنّ إنذار الثقلين إنذار لهم وما قيل من أنه إن كان المراد بالإنذار
1 / 3