أبو موسى الأشعري إذا نام أجلس عنده من يحفظه فإذا انتبه سأله فإن أخبره بظهور شيء منه أعاد الوضوء انتهى. وفي أمالي قاضي خان نام جالسا وهو يتمايل فتزول مقعدته عن الأرض، قال الحلواني ظاهر المذهب أنه ليس بحدث انتهى كاكي ومجتبى قال في فتح القدير ولو نام محتبيا ورأسه على ركبتيه لا ينتقض انتهى وفي القنية ونوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بحدث وهو من خصائصه، وذكر أنه قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - وقد نظم هذه المسألة الطرسوسي - رحمه الله تعالى -
نوم النبي عند الإمام الأعظم ... لا ينقض الوضوء حتما فاعلم
والدليل عليه «تنام عيناي ولا ينام قلبي» وفي الصحيح «أنه نام حتى سمع له غطيط ثم قام فصلى ولم يتوضأ» انتهى.
(قوله لقوله - عليه الصلاة والسلام - «إنما الوضوء على من نام» إلى آخره) قال فخر الدين الرازي إنما لحصر الشيء في الحكم أو لحصر الحكم في الشيء؛ لأن إن للإثبات وما للنفي فيقتضي إثبات المذكور ونفي ما عداه ولا يقال الحكم لم ينحصر هاهنا لانتقاضه بغير النوم قلنا حصر الوضوء المتعلق بالنوم في النوم بصفة الاضطجاع، وإنما أوجبوا الوضوء على المستند والمتكئ لاستوائهما المنصوص عليه في المعنى المنصوص، وهو استرخاء المفاصل فيثبت الحكم فيهما بدلالة النص هكذا قال أستاذنا - رضي الله عنه - انتهى مستصفى (قوله حالة القيام ونحوه) أي من القعود والركوع والسجود. (قوله وانتبه من ساعته) أي قبل أن يستقر على الأرض بوضع الجنب عليها انتهى يحيى (قوله حيث سقط) أي وإن لم يستقر على الأرض.
(فائدة) سئلت عن شخص به انفلات ريح هل ينتقض وضوءه بالنوم (فأجبت) بعدم النقض بناء على ما هو الصحيح أن النوم نفسه ليس بناقض، وإنما الناقض ما يخرج ومن ذهب إلى أن النوم نفسه ناقض لزمه نقض وضوء من به انفلات الريح بالنوم والله أعلم.
(قوله النوم نفسه ليس بحدث) ذكر في المبسوط في كون نوم المضطجع طريقان أحدهما أن عينه حدث بالسنة المروية؛ لأن كونه طاهرا ثابت بيقين ولا يزال اليقين إلا بيقين مثله وخروج شيء منه ليس بيقين فعرفنا أن عينه حدث والثاني أن الحدث ما لا يخلو عنه النائم عادة فإن نوم المضطجع مستحكم فتسترخي مفاصله فيخرج شيء منه عادة، وما ثبت منه عادة كالمتيقن به فيثبت الحدث تقديرا لقيام النوم مقام الخروج انتهى كاكي
. (قوله في المتن وجنون) وفي مبسوط شيخ الإسلام لم ينقض لغلبة الاسترخاء؛ لأن المجنون أقوى من الصحيح بل لعدم تمييز الحدث من غيره انتهى فتح. (قوله والجنون ما به يصير مسلوبا) فعن هذا صح الإغماء على الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - دون الجنون انتهى ع (قوله والمراد بالسكر ما لا يعرف الرجل من المرأة) قال شيخنا العلامة سري الدين أمتع الله بحياته في شرحه على قيد الشرائد ما نصه وحد السكر الناقض فيه خلاف فقيل هو حده في الحد، وهو أن لا يعرف الرجل من المرأة عند بعض المشايخ، وهو اختيار الصدر الشهيد والصحيح ما قيل عن شمس الأئمة الحلواني أنه دخل في مشيته تحرك فهذا سكر ينتقض به الوضوء، وكذا الجواب في حكم الحنث إذا حلف أنه ليس بسكران وكان على هذه الكيفية يحنث، وإن لم يكن بحال لا يعرف الرجل من المرأة كذا في
صفحة ١٠