حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
1415 - 1995
مكان النشر
بيروت
تصانيف
ويدخل في الحديث أيضا صلاة الجنازة لأن تحريمها التكبير وتحليلها التسليم وهذا قول أصحاب رسول الله لا يعرف عنهم فيه خلاف وهو قول الأئمة الأربعة وجمهور الأمة خلافا لبعض التابعين @ وقد ثبت عن النبي تسميتها صلاة وكذلك عن الصحابة وحملة الشرع كلهم يسمونها صلاة
وقول النبي مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم هو فصل الخطاب في هذه المسائل وغيرها طردا وعكسا فكل ما كان تحريمه التكبير وتحليله التسليم فلا بد من افتتاحه بالطهارة
فإن قيل فما تقولون في الطواف بالبيت فإنه يفتتح بالطهارة ولا تحريم فيه ولا تحليل
قيل شرط النقض أن يكون ثابتا بنص أو إجماع
وقد اختلف السلف والخلف في اشتراط الطهارة للطواف على قولين أحدهما أنها شرط كقول الشافعي ومالك وإحدى الروايتين عن أحمد
والثاني ليست بشرط نص عليه في رواية ابنه عبد الله وغيره بل نصه في رواية عبد الله تدل على أنها ليست بواجبة فإنه قال أحب إلي أن يتوضأ وهذا مذهب أبي حنيفة
قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية وهذا قول أكثر السلف قال وهو الصحيح فإنه لم ينقل أحد عن النبي أنه أمر المسلمين بالطهارة لا في عمره ولا في حجته مع كثرة من حج معه واعتمر ويمتنع أن يكون ذلك واجبا ولا يبينه للأمة وتأخير البيان عن وقته ممتنع
فإن قيل فقد طاف النبي متوضأ وقال خذوا عني مناسككم
قيل الفعل لا يدل على الوجوب
والأخذ عنه هو أن يفعل كما فعل على الوجه الذي فعل فإذا كان قد فعل فعلا على وجه الاستحباب فأوجبناه لم نكن قد أخذنا عنه ولا تأسينا به مع أنه فعل في حجته أشياء كثيرة جدا لم يوجبها أحد من الفقهاء
فإن قيل فما تقولون في حديث بن عباس الطواف بالبيت صلاة
قيل هذا قد اختلف في رفعه ووقفه فقال النسائي والدارقطني وغيرهما الصواب أنه موقوف وعلى تقدير رفعه فالمراد شبيه بالصلاة كما شبه انتظار الصلاة بالصلاة وكما قال أبو الدرداء ما دمت تذكر الله فأنت في صلاة وإن كنت في السوق ومنه قوله إن أحدكم في صلاة ما دام يعمد إلى الصلاة فالطواف وإن سمي صلاة فهو صلاة بالاسم العام ليس بصلاة خاصة والوضوء إنما يشترط للصلاة الخاصة ذات التحريم والتحليل
فإن قيل فما تقولون في سجود التلاوة والشكر
قيل فيه قولان مشهوران أحدهما يشترط له الطهارة
صفحة ٦٦