حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
1415 - 1995
مكان النشر
بيروت
تصانيف
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بالستين إلى المائة ومن المتيقن أنه صلى الله عليه وسلم لم تكن @ قراءته في الصلاة هذا
بل ترتيلا بتدبير وتأن
وروى النسائي بإسناد صحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة الأعراف فرقها في ركعتين وأصله في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بطولي الطوليين يريد الأعراف كما جاء مفسرا في رواية النسائي
وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور
وفي الصحيحين عن بن عباس عن أم الفضل بنت الحارث أنها سمعته وهو يقرأ والمرسلات عرفا فقالت يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب
وهذا يدل على أن هذا الفعل غير منسوخ لأنه كان في آخر حياته صلى الله عليه وسلم
وقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال شكا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مشقة السجود عليهم فقال استعينوا بالركب قال بن عجلان هو أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طاله السجود وأعيا
وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل السجود بحيث يحتاج الصحابة إلى الاعتماد على ركبهم وهذا لا يكون مع قصر السجود
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال إني لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز فيها مخافة أن أشق على أمه وأما ما رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بقاف والقرآن المجيد وكانت صلاته بعد تخفيفا فالمراد به والله أعلم أن صلاته كانت بعد الفجر تخفيفا يعني أنه كان يطيل قراءة الفجر ويخفف قراءة بقية الصلوات لوجهين أحدهما أن مسلما روى في صحيحه عن سماك بن حرب قال سألت جابر بن سمرة عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان يخفف الصلاة ولا يصلي صلاة هؤلاء قال وأنبأني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بقاف والقرآن المجيد ونحوها فجمع بين وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتخفيف وأنه كان يقرأ في الفجر بقاف
الثاني أن سائر الصحابة اتفقوا على أن هذه كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ما زال يصليها
ولم يذكر أحد أنه نقص في آخر أمره من الصلاة وقد أخبرت أم الفضل عن قراءته في المغرب بالمرسلات في آخر الآمر وأجمع الفقهاء أن السنة في صلاة الفجر أن يقرأ بطوال المفصل
وأما قوله ولا يصلي صلاة هؤلاء فيحتمل أمرين أحدهما أنه لم يكن يحذف كحذفهم بل يتم الصلاة والثاني أنه لم يكن يطيل القراءة إطالتهم
صفحة ٧٧