حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)

ابن القيم الجوزية ت. 751 هجري
133

حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

1415 - 1995

مكان النشر

بيروت

تصانيف

الفقه

قال أبو داود ورواه عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل قال ورواه @ بن المبارك أخبرنا فليح قال سمعت عباس بن سهل يحدث فلم أحفظه فحدثنيه عيسى بن عبد الله أنه سمعه من عباس بن سهل قال حضرت أبا حميد

فهذا هو المحفوظ من رواية عباس لا ذكر فيه لمحمد بن عمرو بوجه

ورواه أبو داود من حديث أبي خيثمة حدثنا الحسن بن الحر حدثنا عيسى بن عبد الله بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي أنه كان في مجلس فيه أبوه وفي المجلس أبو هريرة وأبو حميد وأبو أسيد بهذا الخبر يزيد وينقص

فهذا الذي غر من قال إن محمد بن عمرو لم يسمعه من أبي حميد وهذا والله أعلم من تخليط عيسى أو من دونه لأن محمدا قد صرح بأن أبا حميد حدثه به وسمعه منه ورواه حين حدثه به فكيف يدخل بينه وبينه عباس بن سهل وإنما وقع هذا لما رواه محمد بن عمرو عن أبي حميد ورواه العباس بن سهل عن أبي حميد خلط بعض الرواة وقال عن محمد بن عمرو عن العباس

وكان ينبغي أن يقول وعن العباس بالواو

ويدل على هذا أن عيسى بن عبد الله قد سمعه من عباس كما في رواية بن المبارك

فكيف يشافهه به عباس بن سهل ثم يرويه عن محمد بن عمرو عنه فهذا كله بين أن محمد بن عمرو وعباس بن سهل اشتركا في روايته عن أبي حميد

فصح الحديث بحمد الله وظهر أن هذه العلة التي رمى بها مما تدل على قوته وحفظه

وأن رواية عباس بن سهل شاهدة ومصدقة لرواية محمد بن عمرو وهكذا الحق يصدق بعضه بعضا وقد رواه الشافعي من حديث إسحاق بن عبد الله عن عباس بن سهل عن أبي حميد ومن معه من الصحابة

ورواه فليح بن سليمان عن عباس عن أبي حميد وهذا لا ذكر فيه لمحمد بن عمرو وهو إسناد متصل تقوم به الحجة فلا ينبغي الإعراض عن هذا والاشتغال بحديث عبد الحميد بن جعفر والتعلق عليه بالباطل

ثم لو نزلنا عن هذا كله وضربنا عنه صفحا إلى التسليم أن محمد بن عمرو لم يدرك أبا قتادة فغايته أن يكون الوهم قد وقع في تسمية أبي قتادة وحده دون غيره ممن معه وهذا لا يجوز بمجرده تركه حديثه والقدح فيه عند أحد من الأئمة ولو كان كل من غلط ونسي واشتبه عليه اسم رجل بآخر يسقط حديثه لذهبت الأحاديث ورواتها من أيدي الناس

فهبه غلط في تسميته أبا قتادة أفيلزم من ذلك أن يكون ذكر باقي الصحابة غلطا ويقدح في قوله سمعت أبا حميد ورأيت أبا حميد أو أن أبا حميد قال وأيضا فإن هذه اللفظة لم يتفق عليها الرواة وهي قوله فيهم أبو قتادة فإن محمد بن عمرو بن حلحلة رواه عن محمد بن عمرو بن عطاء ولم يذكر فيهم أبا قتادة ومن طريقه رواه البخاري ولم يذكرها وأما عبد الحميد بن جعفر فرواه عنه هشام ولم يذكرها ورواه عنه أبو عاصم الضحاك بن مخلد ويحيى بن سعيد فذكراها عنه وأظن عبد الحميد بن جعفر تفرد بها

ومما يبين أنها ليست بوهم أن محمد بن مسلمة قد كان في أولئك الرهط ووفاته سنة ثلاث وأربعين فإذا لم تتقاصر سن محمد بن عمرو عن لقائه فكيف تتقاصر عن لقاء أبي قتادة ووفاته إما بعد الخمسين عند الأكثرين أو قبيل الأربعين عند بعضهم والله الموفق للصواب @

صفحة ٣٠٢