المحشي: وقد نبه بعض على الخلاف فيه بقوله «إذ قيل إنه منطوق، أي صراحة، لسرعة تبادره إلى الأذهان»، وممن صرح بأنه منطوق ابن القطان وغيره، ورجحه القرافي وغيره، واحتج له بأنه لو قال: ما له علي إلا دينار، كان إقرارا بالدينار، ولو كان بالمفهوم لم يؤاخذ به، لعدم اعتبار المفهوم في الأقارير. ويجاب: بأن محل عدم اعتباره فيها، إذا كان بغير الحصر، كما يفهمه كلامهم، وعلى المشهور، فدلالة لا إله إلا الله، على إثبات الإلهية لله بالمفهوم لا بالمنطوق، ولا بعد فيه، لأن القصد أولا وبالذات رد ما خالفنا فيه المشركون، لا إثبات ما وافقونا عليه، فكان المناسب للأول المنطوق، وللثاني المفهوم. قوله في المتن «وفصل المبتدأ من الخبر بضمير الفصل» الأنسب بما فسر به الصفة أن نقول: وضمير الفصل، وتقديمه على قوله «وشرط».
تنبيه: مما يفيد الحصر كالمذكورات تعريف المبتدأ والخبر، نحو: صديقي زيد، وزيد العالم.
حجية أنواع مفاهيم المخالفة
صاحب المتن: مسألة: المفاهيم - إلا اللقب - حجة لغة،
الشارح: «مسألة: المفاهيم» المخالفة «-إلا اللقب- حجة لغة»، لقول كثير من أئمة اللغة بها، منهم أبوعبيدة، وعبيد تلميذه، قالا في حديث الصحيحين مثلا: «مطل الغني ظلم»: إنه يدل على أن مطل غير الغني ليس بظلم، وهم إنما يقولون في مثل ذلك ما يعرفونه من لسان العرب.
المحشي : «مسألة: المفاهيم إلا اللقب حجة». قوله: «إلا اللقب» قضيته أن اللقب مفهوم وليس بحجة، وليس مرادا، بل المراد أنه ليس بمفهوم، إذ القائل بأنه مفهوم قائل بحجيته.
قوله: «أبو عبيدة» و«عبيد» بالتثنية، وأبو عبيدة هو معمر بن المثنى. وأبوعبيد هو القاسم بن سلام، والأول شيخ الثاني.
صاحب المتن: وقيل: شرعا، وقيل: معنى.
الشارح: «وقيل» حجة «شرعا»، لمعرفة ذلك من موارد كلام الشارع، وقد فهم من قوله تعالى: (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) التوبة: 80، أن حكم ما زاد على السبعين بخلاف حكمه، حيث قال كما رواه الشيخان: «خيرني الله وسأزيده على السبعين».
«وقيل» حجة «معنى»: أي من حيث المعنى، وهو أنه لو لم ينف المذكور الحكم عن المسكوت، لم يكن لذكره فائدة، وهذا كما عبر عنه هنا بالمعنى، عبر عنه في مبحث العام -كما سيأتي- بالعقل، وفي شرح المختصر هنا بالعرف العام، لأنه معقول لأهله.
المحشي: قوله: «وهذا كما عبر عنه هنا بالمعنى، عبر عنه في مبحث العام -كما سيأتي- بالعقل» إلى آخره، نبه به على أنه لا خلاف في المعنى، بل في التسمية، خلافا لمن توهم خلاف ذلك كالزركشي.
صاحب المتن: واحتج باللقب: الدقاق، والصيرفي، وابن خويز منداد، وبعض الحنابلة.
الشارح: «واحتج باللقب الدقاق والصيرفي» من الشافعية، «وابن خويز منداد» من المالكية، «وبعض الحنابلة».
المحشي: قوله: «الدقاق» هو القاضي أبو بكر محمد بن محمد بن جعفر.
قوله: «والصيرفي» هو أبوبكر محمد بن عبد الله، شارح الرسالة للإمام الشافعي.
قوله: «وابن خويز منداد» بإسكان الزاي وفتح الميم وكسرها.
الشارح: علما كان أو اسم جنس، نحو: على زيد حج، أي لا على عمرو، وفي النعم زكاة، أي لا في غيرها من الماشية، إذ لا فائدة لذكره إلا نفى الحكم عن غيره كالصفة. وأجيب: بأن فائدته استقامة الكلام، إذ بإسقاطه يختل، بخلاف إسقاط الصفة.
المحشي: قال الزركشي: «اشتهر على الألسنة بالميم، وعن ابن عبد البر أنه بالموحدة المكسورة».
قوله: «علما كان أو اسم جنس» إلى آخره، فيه تنبيه على مغايرة اللقب الأصولي للقب النحوي. فالعلم بأنواعه الثلاثة -الاسم والكنية واللقب النحوي- لقب الأصولي، ... واسم الجنس شامل للإفرادي: كرجل، وماء، وللجمعي: ك تمر، وكلم، سواء كان جامدا، أم مشتقا. وغلبت عليه الاسمية كالماشية، أما ما لم يغلب عليه الاسمية.
الشارح: وتقوى -كما قال المصنف -الدقاق المشهور باللقب بمن ذكر معه خصوصا الصيرفي، فإنه أقدم منه وأجل.
صفحة ٩٢