الشارح: «ومن أخر» الواجب المذكوربأن لم يشتغل به أول الوقت مثلا «مع ظن الموت» عقب ما يسعه منه مثلا «عصى» لظنه فوات الواجب بالتأخير، «فإن عاش وفعله» في الوقت: «فالجمهور» قالوا: فعله «أداء»، لأنه في الوقت المقدرله شرعا. «و» قال «القاضيان أبوبكر» الباقلاني - من المتكلمين «والحسين» - من الفقهاء-: فعله «قضاء»، لأنه بعد الوقت الذي تضيق عليه بظنه وإن بان خطؤه.
المحشي: وحكى عنه الشيخ أبوإسحاق في شرح اللمع، أن وقت الوجوب هو وقت الإيقاع أي وقت كان، وحكى عنه الآمدي القولين معا.
قوله: «مثلا» الثاني راجع إلى «الموت عقب ما يسعه» فإن ظن الفوات بسبب آخر، كجنون وإغماء وحيض كذلك.
قوله: «بالتأخير» صلة «فوات».
قوله: «لأنه في الوقت المقدر له شرعا»: أي ولا عبرة بالظن البين خطؤه.
صاحب المتن: ومن أخر - مع ظن السلامة- فالصحيح لايعصي، بخلاف ماوقته العمر كالحج.
الشارح: «ومن أخر» الواجب المذكوربأن لم يشتغل به أول الوقت مثلا، «مع ظن السلامة» من الموت إلى آخرالوقت، ومات فيه قبل الفعل، «فالصحيح» أنه «لا يعصي»، لأن التأخير جائز له، والفوات ليس باختياره.
وقيل: يعصي، وجواز التأخير مشروط بسلامة العاقبة، «بخلاف ما» أي الواجب الذي «وقته العمر كالحج»، فإن من أخره بعد أن أمكنه فعله، مع ظن السلامة من الموت إلى مضي وقت يمكنه فعله فيه، ومات قبل الفعل، يعصي على الصحيح.
المحشي: قوله: «مع ظن السلامة» إلى آخره، مع قوله قبل: «مع ظن الموت» إلى آخره، متدافع في الشك في ذلك، والأوجه أنه كظن السلامة، لأنها الأصل، ولأن الشرع لا يؤثم بالشك في الفروع.
قوله: «فالصحيح أنه لا يعصي» أي إن لم يكن عزم على الفعل، وإلا فلا يعصى قطعا كما قاله الآمدي، فترجيح عدم عصيانه - إذا لم يعزم- ظاهر، على ما رجحه المصنف من عدم وجوب العزم، أما على ما رجحه النووي من وجوبه،
الشارح: وإلا لم يتحقق الوجوب.
وقيل: لا يعصى لجواز التأخير له، وعصيانه في الحج من آخر سني الإمكان، لجواز التأخير إليها.
وقيل: من أولها لاستقرار الوجوب حينئذ.
وقيل: غير مستند إلى سنة بعينها.
المحشي: فقضيته ترجيح عصيانه، وأفاد كلام الشارح -كالمصنف- أن محل عدم العصيان إذا رفع السبب الوجوب، فإن لم يرفعه -كنوم- ففيه تفصيل: وهو أنه إذا نام في الوقت إلى أن خرج الوقت، فإن ظن يقظته قبل خروجه، أو غلب عليه النوم لم يعص، وإلا عصى.
قوله: «وإلا لم يتحقق الوجوب» إشارة إلى الفرق بين الواجب المؤقت بوقت معلوم، والمؤقت بالعمر، كالحج.
وحاصله: أنه وإن لم يكن الأمر كما ذكره لم يتحقق الوجوب، بخلاف نحو الظهر، فإن لجواز تأخيره غاية معلومة، فيتحقق معها الوجوب، وهي أن لا يبقى من الوقت، إلا ما يسعه فقط، وفرق بينهما أيضا بأن الوقت في الثاني، وهو نحو الحج يخرج بالموت، بخلافه في الأول فإنه باق، وبما تقرر علم أن الواجب الموسع ما قدر له وقت يعلم أنه يزيد على وقت أدائه، وبه يعلم أن ما وقته العمر، كالحج والمنذور الذي لم يوقت، والفائت بعذر غير رمضان، لا يسمى بالواجب الموسع، ومن سماه بذلك كالإمام الرازي فقد تجوز، نبه على ذلك السبكي. قوله: «وعصيانه في الحج من آخر سني الإمكان» أي من أول الوقت الذي لو أخره عنه لم يسعه من آخرها.
مقدمة الواجب
صفحة ٦٠