284

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

تصانيف

» وقال الغزالي والإمام «الرازي- للفساد» في العبادات «فقط: أي دون المعاملات، ففسادها بفوات ركن أو شرط عرف من خارج عن النهي، ولا نسلم أن الأولين استدلوا بمجرد النهي على فسادها، ودون غيرها -كما تقدم- ففساده من خارج أيضا،» فإن كان «مطلق النهي» لخارج «عن المنهي عنه: أي غير لازم له،

المحشي: قوله:» أو رجع إلى أمر لازم لها «أشار بذكر» رجع «إلى أن هذا ليس من كلام ابن عبد السلام، وأنه معطوف على مقدر قبل كلامه: أي إن رجع إلى أمر داخل فيها، أو لازم لها.

قوله:» لاشتماله على الزيادة اللازمة بالشرط «: أي اللازمة للعقد بسبب اشتراطها فيه.

قوله:» ولا نسلم أن الأولين استدلوا بمجرد النهي «أي بل مع فوات ركن أو شرط عرف من خارج عن النهي.

الشارح:» كالوضوء بمغصوب «، لاتلاف مال الغير الحاصل بغير الوضوء أيضا، وكالبيع وقت نداء الجمعة، لتفويتها الحاصل بغير البيع أيضا، وكالصلاة في المكان المكروه، أو المغصوب كما تقدم،» لم يفد «: أي الفساد» عند الأكثر «من العلماء، لأن المنهي عنه في الحقيقة ذلك الخارج،» وقال «الإمام» أحمد «: مطلق النهي» يفيد «الفساد» مطلقا «: أي سواء لم يكن لخارج، أو كان له، لأن ذلك مقتضاه، فيفيد الفساد في الصور المذكورة للخارج عنده، قال:» ولفظه حقيقة، وإن انتفى الفساد لدليل «: كما في طلاق الحائض، للأمر بمراجعتها كما تقدم، لأنه لم ينتقل عن جميع موجبه من الكف والفساد، فهو كالعام الذي خص، فإنه حقيقة فيما بقي كما سيأتي.

المحشي : قوله:» ولفظه «أي النهي» حقيقة «أي في الكف والفساد، كما يعلم من كلام الشارح بعد.

قوله:» لأنه «أي النهي الذي انتفى معه الفساد لدليل.

صاحب المتن: وأبو حنيفة: لا يفيد مطلقا، نعم، المنهي لعينه غير مشروع، ففساده عرضي.

الشارح:» و«قال» أبو حنيفة: «مطلق النهي» لا يفيد «الفساد» مطلقا «: أي سواء كان لخارج، أم لم يكن له، لما سيأتي في إفادته الصحة، قال:» نعم المنهي «عنه» لعينه «: كصلاة الحائض، وبيع الملاقيح» غير مشروع، ففساده عرضي «: أي عرض للنهي، حيث استعمل في غير المشروع، مجازا عن النفي، الذي الأصل أن يستعمل فيه إخبارا عن عدمه، لانعدام محله، هذا فيما هو من جنس المشروع. أما غيره كالزنا -بالزاي-، فالنهي فيه على حاله، وفساده من خارج.

المحشي: قوله:» وقال أبو حنيفة «إلى آخره. حاصل ما نقله عنه -على ما فيه- أن النهي عن الشيء عنده لا يفيد بالوضع فسادا، بل يفيد الصحة إن رجع إلى وصفه كما سيأتي ولا يفيد صحة ولا فسادا إن رجع إلى غير وصفه.

قوله:» نعم المنهي عنه لعينه «يعني لذاته أو لجزئه، والمراد المنهي عنه شرعا، لا المنهي عنه وضعا كما أومأ إليه اقتصار الشارح على تمثيله بصلاة الحائض، وبيع الملاقيح، ونبه عليه بعد بقوله:» هذا فيما هو من جنس المشروع «.

المحشي: قوله:» مجازا عن النفي «أي وعلاقته المشابهة بينهما في اقتضاء عدم الفعل، كما أشار إليها بعد بقوله» لانعدام محله «، وإن كان اقتضاء النهي العدم من العقد، واقتضاء النفي له من الأصل.

قوله:» أن يستعمل «أي النفي» فيه «أي في غير المشروع. قوله:» هذا فيما هو من جنس المشروع «مأخذه أن نفي المشروعية عنه بقوله» غير المشروع «، إنما يكون فيما من شأنه إن شرع. قوله:» أما غيره «: أي غير ما هو من جنس المشروع، وتسميه الحنفية: «بالمحسوس»، إذ المنهي عنه عندهم، إما حسي كالزنا، وشرب الخمر، أو شرعي كالصلاة والبيع، وكلامهم هنا إنما هو في الشرعي.

صاحب المتن: ثم قال: والمنهي لوصفه يفيد الصحة،

الشارح:» ثم قال : والمنهي «عنه» لوصفه «، كصوم يوم النحر للإعراض به عن الضيافة، وبيع درهم بدرهمين، لاشتماله على الزيادة،» يفيد «النهي فيه» الصحة «له، لأن النهي عن الشيء يستدعي إمكان وجوده، وإلا كان النهي عنه لغوا، كقولك للأعمى: لا تبصر، فيصح صوم يوم النحر عن نذره كما تقدم، لا مطلقا بوصفه اللازم، بخلاف الصلاة في الأوقات المكروهة، فتصح مطلقا، لأن النهي عنها.

صفحة ٢٨٦