حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

زكريا الأنصاري ت. 926 هجري
176

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

تصانيف

قوله «وإنما يقيد ب «السكوتي» لانصراف المطلق إلى غيره» أي وهو لا ينافي شمول الإجماع له كما أن الحدث يشمل الأكبر وإن كان مطلقه ينصرف إلى الأصغر.

الشارح: قيل: «نعم، نظرا للعادة في مثل ذلك فيكون إجماعا حقيقة لصدق تعريفه عليه وإن نفى بعضهم مطلق اسم الإجماع عنه»، وقيل: «لا، فلا يكون إجماعا حقيقة فلا يحتج به».

ويؤخذ تصحيح الأول من تصحيح «أنه حجة» لأن مدركه المذكور هو مدرك ذاك.

وفي هذا الكلام تحقيق لحاصل الأقوال الثلاثة المصدر بها المسألة، وبيان لمدركه، وفيما قبله تحرير لما اتفق منها وما اختلف. وكل ذلك من وظيفة الشارح، زاده على غيره.

المحشي: قوله «لأن مدركه» أي الأول.

قوله: «المذكور» أي بقوله: «نظرا للعادة في مثل ذلك».

قوله «هو مدرك ذلك» أي القول بأنه حجة، ومدركه هو قوله فيما مر: لأن سكوت العلماء في مثل ذلك يظن منه الموافقة عادة، فالمدرك في القولين واحد وهو كون العادة تفيد ظن موافقة الساكت للقائل.

قوله «وفي هذا الكلام» أي وهو قول المحشي: «وفي كونه إجماعا ... الخ».

قوله «لمدركه» أي حاصل الأقوال. فحاصل الثاني والثالث: أن السكوتي حجة، ومدركه: أنه إجماع حقيقة لما ذكره وإن نفى الثالث عنه اسم الإجماع وحاصل الأول: أنه ليس بحجة، ومدركه: أنه ليس بإجماع حقيقة. واتفق الأول والثالث في عدم إطلاق اسم الإجماع عليه، واحتص الثاني بإطلاق ذلك عليه.

الشارح: ولو أخر قوله: «مع بلوغ الكل»، وما عطف عليه عن قوله: «تكليفية» لسلم من الركاكة.

ولو قال: «هل يظن منه الموافقة»، بدل ما قاله لسلم من التكلف في تأويله بأن يقال: «هل يغلب احتمال الموافقة » أي يجعله غالبا أي راجحا على مقابله.

واحترز عن السكوت المقترن بأمارة الرضا فإنه إجماع قطعا، أو السخط فليس بإجماع قطعا، وعما إذا لم تبلغ المسألة كل المجتهدين، أو لم يمض زمن مهلة النظر فيها عادة فلا يكون من محل الإجماع السكوتي، وعما إذا لم تكن في محل الاجتهاد بأن كانت قطعية، أو لم تكن تكليفية نحو عمار أفضل من حذيفة، أو العكس فالسكوت على القول في الأولى بخلاف المعلوم فيها وعلى ما قيل في الثانية لا يدل على شيء.

المحشي: قوله «وفيما قبله» أي وهو قول المحشي: «والصحيح أنه حجة ... الخ».

قوله «عن قوله: وتكليفية» يعني عن قوله: «عن مسألة اجتهادية تكليفية» بقرينة اقتصاره على قوله: «مع بلوغ الكل» وما عطف عليه.

قوله «لسلم من الركاكة» أي الضعف، والمراد الضعف في التركيب من حيث إن المعية المذكورة إنما هي صفة في المعنى لمجموع ما قبلها وما بعدها، وشأن الصفة أن تتأخر عن الموصوف، لكن يخلف ذلك ركاكة أخرى وهي التقارب بين «عن» و«عن».

صاحب المتن: وكذا الخلاف فيما لم ينتشر.

الشارح: وإنما فصل السكوتي ب «أما» عن المعطوفات ب «الواو» للخلاف في كونه حجة وإجماعا، وأتبعه بقوله: «وكذا الخلاف فيما لم ينتشر» مما قيل بأن لم يبلغ الكل ولم يعرف فيه مخالف؟ قيل: «إنه حجة لعدم ظهور خلاف فيه»، وقال الأكثر: «ليس بحجة لاحتمال أن لا يكون غير القائل خاض فيه، ولو خاض فيه لقال بخلاف قول ذلك القائل».

وقال الإمام الرازي ومن تبعه: «إنه حجة فيما تعم به البلوى كنقض الوضوء بمس الذكر لأنه لابد من خوض غير القائل فيه، ويكون بالموافقة لانتفاء ظهور المخالفة بخلاف ما لم تعم به البلوى فلا يكون حجة فيه».

صفحة ١٧٨