صاحب المتن: وشكر المنعم واجب بالشرع، لا العقل، الشارح: «وشكر المنعم» أي وهو الثناء على الله تعالى، لإنعامه بالخلق والرزق والصحة، وغيرها بالقلب، بأن يعتقد أنه تعالى وليها أو اللسان بأن يتحدث بها أو غيره كأن يخضع له تعالى. «واجب بالشرع لا بالعقل» فمن لم تبلغه دعوة نبي لا يأثم بتركه، خلافا للمعتزلة.
المحشي: قوله: «أي وهو الثناء على الله» إلى آخره، تبع في تفسيره الشكر بالثناء الجوهري وغيره، وفيه تجوز، حيث أطلق الثناء على فعل غير اللسان، من الاعتقاد وفعل الجوارح المراد بقوله «أو غيره» أي أو الثناء بغيره ، والمشهور تفسيره لغة: بفعل ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الشاكر أو غيره، وعرفا صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه، من السمع وغيره، إلى ما خلق له وهذا هو المعروف هنا. والخطب في ذلك سهل.
انتفاء الأحكام قبل ورود الشرع
صاحب المتن: ولا حكم قبل الشرع، بل الأمر موقوف إلى وروده،
الشارح: «ولا حكم» موجود، «قبل الشرع» أي البعثة لأحد من الرسل، لانتفاء لازمه حينئذ من ترتب الثواب والعقاب بقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) الإسراء: 15 أي ولا مثيبين، فاستغنى عن ذكر الثواب بذكر مقابله من العذاب، الذي هو أظهر في تحقق معنى التكليف، وانتفاء الحكم، الذي هو الخطاب السابق، بانتفاء قيد منه، وهو التعلق التنجيزي. «بل الأمر» أي الشأن في وجود الحكم، «موقوف إلى وروده» أي الشرع، أشار بهذا -كما قال - إلى أنه مراد من عبر منا في الأفعال قبل البعثة بالوقف، فليس مخالفا لمن نفى منا الحكم فيها، و«بل» هنا للانتقال من غرض إلى آخر، وإن اشتمل على الأول، إذ توقف الحكم على الشرع مشتمل على انتقائه قبله، ووجوده بعده.
المحشي: قوله: «ولا حكم موجود قبل الشرع»، أي لا حكم متعلق تعلقا تنجيزيا قبل البعثة، وإلا فالحكم قديم لا ينفى، وبذلك علم أن في قوله: «الذي هو الخطاب السابق» تجوزا. قوله: «وهو التعلق التنجيزي» أي هنا، وإلا فقد ينتفي الحكم بانتفاء قيد آخر.
قوله: «كما قال» أي المصنف في «منع الموانع». قوله: «وإن اشتمل» أي الغرض الآخر.
صاحب المتن: وحكمت المعتزلة العقل.
الشارح: «وحكمت المعتزلة العقل» في الأفعال قبل البعثة، فما قضى به شيء منها ضروري كالنفس في الهواء، أو اختياري لخصوصه بأن أدرك فيه مصلحة أو مفسدة أو انتفاءهما، فأمر قضائه فيه ظاهر، وهو أن الضروري مقطوع بإباحته. والاختياري لخصوصه ينقسم إلى الأقسام الخمسة، الحرام وغيره، لأنه إن اشتمل على مفسدة فعله، فحرام كالظلم، أو تركه فواجب كالعدل، أو على مصلحة فعله، فمندوب كالإحسان، أوتركه فمكروه، وإن لم يشتمل على مصلحة أو مفسدة، فمباح.
المحشي: قوله: «وحكمت المعتزلة العقل» أي جعلته حاكما فيما يقضي فيه بحكم، بالمعنى الذي ذكره الشارح «بحسن أو قبح» قوله: «لخصوصه» متعلق باختياري أوب قضى بالنظر إليه. ويدل للأول قوله: بعد «والاختياري لخصوصه» وللثاني قوله: «فإن لم يقض العقل» إلى آخره، واللام تعليلية، أي لأجل خصوص الشيء، بأن أدرك فيه العقل شيئا مما ذكره الشارح. قوله: «فعله» فاعل «اشتمل» وقوله «أو تركه» معطوف عليه.
قوله: «أو على مصلحة فعله» إلى آخره هذا مع قطع النظر عما قبله يشمل أوله الواجب وآخره الحرام، وليس مرادا، فلو قال: وإلا فإن اشتمل على مصلحة فعله إلى آخره، لسلم من ذلك.
صاحب المتن: فإن لم يقض، فثالثها لهم: الوقف عن الحظر والإباحة.
الشارح: «فإن لم يقض» العقل في بعض منها لخصوصه، بأن لم يدرك فيه شيئا مما تقدم كأكل الفاكهة، فاختلف في قضائه فيه، لعموم دليله، على أقوال ذكرها بقوله: «فثالثها لهم الوقف عن الحظر والإباحة» أي لا يدري أنه محظور أو مباح، مع أنه لا يخلو عن واحد منهما، لأنه إما ممنوع منه فمحظور، أو لا، فمباح، وهما القولان المطويان:
صفحة ١٩