الشارح: وإنما تذكر في كتبه لتوقف معرفته على معرفتها لأنها طريق إليه. قال: وذكرها حينئذ في تعريف الأصولي، كذكرهم في تعريف الفقيه، ما يتوقف عليه الفقه من شروط الاجتهاد، حيث قالوا: الفقيه المجتهد، وهو ذو الدرجة الوسطى، عربية وأصولا، إلى آخر صفات المجتهد، وما قالوا: الفقيه العالم بالأحكام. هذا كلامه الموافق لظاهر المتن، في أن المرجحات، وصفات المجتهد، طريق للدلائل الإجمالية، التي بني عليه ما لم يسبق إليه، كما قال من اسقاطها من تعريفي الأصول، وأنت خبير- مما تقدم- بأنها طريق للدلائل التفصيلية، وكأن ذلك سرى إليه من كون التفصيلي.
المحشي: وقوله «لما قاله» أي في «منع الموانع». وكذا قوله: «قال»، وقوله: «من اسقاطها» بيان ل «ما لم يسبق إليه»، قوله: «وأنت خبير» شروع في الاعتراض على المصنف.
قوله: «مما تقدم» أي في قوله: «وبالمرجحات» إلى آخره.
الشارح: جزئيات الإجمالية، وهو مندفع بأن توقف التفصيلية على ما ذكر من حيث تفصيلها المفيد للأحكام. على أن توقفها على صفات المجتهد من ذلك من حيث حصولها للمرء لا معرفتها. والمعتبر في مسمى الأصولي معرفتها على حصولها، كما تقدم كل ذلك. وبالجملة فظاهر أن معرفة الدلائل الإجمالية المذكورة في الكتب الخمسة، لا تتوقف على معرفة شيء من المرجحات، وصفات المجتهد، المعقود لها الكتابان الباقيان، لكونها من الأصول، فالصواب ما صنعوا من ذكرها في تعريفيه، كأن يقال: أصول الفقه دلائل الفقه الإجمالية وطرق استفادتها ومستفيد جزئياتها.
المحشي: قوله «وهو» أي ما سرى إليه من أنها طريق للإجمالية مندفع إلى آخره. قوله: «على ما ذكر» أي من المرجحات وصفات المجتهد. قوله: «من ذلك» أي مما ذكر من المرجحات وصفات المجتهد، وفائدة ذكره ربط الكلام به لا إخراج شيء.
قوله: «من حيث حصولها للمرء لا معرفتها» بين به أن قول المصنف أنها إنما تذكر في كتب الأصول ، لتوقف معرفته على معرفتها، غير قويم.
قوله: «والمعتبر» إلى آخره، بين به أن قول المحشي: «وذكرها حينئذ» إلى آخره، غير قويم أيضا بالنظر لصفات المجتهد، قوله: «لكونها من الأصول» تعليل لقوله «المعقود لها الكتابان الباقيان».
قوله: «وطرق استفادتها ومستفيد جزئياتها» أشار به إلى الرد على المصنف، في جعل الضمير في استفادتها ومستفيدها راجعا إلى الدلائل الإجمالية، لما مر من أن الطرق المذكورة إنما هي طرق لاستفادة الأدلة التفصيلية.
الشارح: وقيل: معرفة ذلك، ولا حاجة إلى تعريف الأصولي للعلم به من ذلك، وأما قولهم المتقدم الفقيه المجتهد وكذا عكسه الآتي في كتاب الاجتهاد، فالمراد به بيان الماصدق، أي ما يصدق عليه الفقيه، وهو ما يصدق عليه المجتهد، والعكس بالعكس، لا بيان المفهوم، وإن كان هو الأصل في التعريف، لأن مفهومهما مختلف، ولا حاجة إلى ذكره للعلم به من تعريفي الفقه والاجتهاد، فما تقدم من أنهم ما قالوا الفقيه العالم بالأحكام أي إلى آخره، لذلك على أن بعضهم قاله تصريحا بما علم التزاما.
المحشي: قوله: «من ذلك» أي مما ذكر من تعريفه، قوله: «لأن مفهومهما مختلف» تعليل لقوله «لا لبيان المفهوم».
قوله: «ولا حاجة إلى ذكره» أي مفهوم الفقيه والمجتهد قوله: «لذلك» أي للعلم به مما ذكر.
قوله: «على أن بعضهم» أي كالشيخ أبي إسحاق الشيرازي في كتابه في الحدود.
تعريف الفقه
صاحب المتن: والفقه العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.
الشارح: «والفقه العلم بالأحكام» أي بجميع النسب التامة «الشرعية» أي المأخوذة من الشرع.
المبعوث به النبي الكريم «العملية» أي المتعلقة بكيفية عمل قلبي أو غيره، كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة، وأن الوتر مندوب.
«المكتسب» ذلك العلم «من أدلتها» أي من الأدلة التفصيلية للأحكام.
فخرج بقيد الأحكام: العلم بغيرها، من الذوات والصفات كتصور الإنسان والبياض.
وبقيد الشرعية العلم بالأحكام العقلية والحسية، كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، وأن النار محرقة.
صفحة ١٤