صاحب المتن: وإن لم يتفق البيانان، كما لو طاف بعد الحج طوافين، وأمر بواحد، فالقول، وفعله ندب أو واجب، متقدما أو متأخرا. وقال أبو الحسين: المتقدم.
الشارح: «وإن لم يتفق البيانان» القول والفعل، كأن زاد الفعل على مقتضى القول «كما لو طاف» ««بعد» نزول آية «الحج»، المشتملة على الطواف «طوافين، وأمر بواحد، فالقول» أي فالبيان القول، «وفعله» «الزائد على مقتضى قوله «ندب أو واجب» في حقه دون أمته،
المحشي: قوله «آية الحج» أي الآمرة به، وهي قوله تعالى: (وأذن في الناس بالحج) الحج: 27 الخ، فإنه مشتمل على الطواف في قوله (وليطوفوا بالبيت العتيق) الحج: 29، ويمكن أن يجعل من ذلك آية (إن الصفا والمروة) البقرة: 158.
قوله «ندب أو واجب» عبر بندب، لا بمندوب المناسب لتعبيره بواجب للاختصار.
الشارح: «متقدما» كان القول على الفعل «أو متأخرا» عنه، جمعا بين الدليلين. «وقال أبو الحسين» البصري: البيان هو «المتقدم» منهما، كما في قسم اتفاقهما، أي فإن كان المتقدم القول، فحكم الفعل كما سبق، أو الفعل فالقول ناسخ للزائد منه. قلنا: عدم النسخ بما قلنا أولى. ولو نقص الفعل عن مقتضى القول، كأن طاف واحدا، وأمر باثنين، فالقياس ما تقدم لنا: أن البيان القول، ونقص الفعل عنه، تخفيف في حقه «، تأخر الفعل أو تقدم. وقياس ما تقدم لأبي الحسين: أن البيان المتقدم، فإن كان القول، فحكم الفعل كما سبق، أو الفعل ، فما زاده القول عليه مطلوب بالقول.
المحشي: قوله «متقدما كان القول على الفعل، أو متأخرا» أي أو مقارنا له، أو جهل ذلك. قوله «فحكم الفعل كما سبق» أي من أنه مندوب أو واجب.
قوله «تأخر الفعل أو تقدم» أي أو قارنه، أو جهل فيما يظهر. قوله «فحكم الفعل كما سبق» أي من أنه تخفيف.
تاخير البيان
صاحب المتن: مسألة: تاخير البيان عن وقت الفعل غير واقع وإن جاز.
الشارح: «مسألة: تأخير البيان» لمجمل أو ظاهر، لم يرد ظاهره - بقرينة ما سيأتي - «عن وقت الفعل غير واقع وإن جاز» وقوعه عند أئمتنا - المجوزين - تكليف ما لا يطاق.
وقوله «الفعل» أحسن - قال - من قول غيره «الحاجة» لأنها - كما قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني -: لائقة بالمعتزلة القائلين: بأن بالمؤمنين حاجة إلى التكليف، ليستحقوا الثواب بالامتثال.
المحشي: مسألة: تاخير البيان عن وقت الفعل غير واقع: قوله «بقرينة ما سيأتي» أي وهو قوله: «سواء كان للمبين ظاهر أم لا» الخ. قوله «وقوله: «الفعل» أحسن - قال - من قول غيره «الحاجة» لأنها - كما قال الأستاذ» الخ، رد: «بأنه لا يلزم من التعبير بالحاجة القول بمذهب المعتزلة المذكور، فإنه لا يتوقف على الحاجة إلى التكليف، بل على حاجة المكلف إلى بيان ما كلف به».
لكن هذا لا يمنع الأحسنية ظاهرا نعم عبر المصنف بالحاجة فيما يأتي قريبا. فإن قلت: يرد على عدم الوقوع ما روي من أنه: «نزل قوله تعالى (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) البقرة: 187 , ولم ينزل (من الفجر) البقرة: 187، فكان أحدنا إذا أراد الصوم رفع عقالين أبيض وأسود، وكان يأكل ويشرب حتى يتبينا».
قلنا: ذاك محمول على أنه كان في غير الفرض في الصوم، ووقت الحاجة إنما هو صوم الفرض، ذكره السعد التفتازاني.
وسبقه إلى ذلك مع زيادة وإيضاح - البيضاوي، فقال: «إن صحذلك، فلعله كان قبل رمضان، وتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائزا، واكتفى أولا باشتهار الأبيض والأسود في ذلك، ثم صرح بالبيان لما التبس على بعضهم».
أي ممن عرض له النبي «في آخر الحديث، لما أخبره بذلك بما يدل على قلة الفطنة بقوله: «إنك لعريض القفا، إنما ذاك بياض النهار وسواد الليل.
صفحة ١١٨