ومن القريب أيضا تأويل خبر «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك، على أمر الإيجاب إذ الأمر ورد في خبر: «استاكوا، فلا ينافي نفيه المفاد بالخبر، إذ معناه: لولا وجود المشقة لأمرتكم، لكنها موجودة فلم أمركم. قوله «فيما إذا نكحهن معا» بين به أن كلام المصنف محتاج إلى تقييد، كأن يقول على ابتدئ: في المعية: أي في حالها.
صاحب المتن: و«ستين مسكينا» على «ستين مدا»، و«أيما امرأة نكحت نفسها» على الصغيرة، والأمة، والمكاتبة.
الشارح: لبطلانه كالمسلم, بخلاف نكاحهن مرتبا، فيمسك الأربع الأوائل. ووجه بعده: أن المخاطب بمحله قريب عهد بالإسلام، لم يسبق له بيان شروط النكاح، مع حاجته إلى ذلك، ولم ينقل تجديد نكاح منه، ولا من غيره، مع كثرتهم، وتوفر دواعي حملة الشريعة على نقله لو وقع.
«و» من البعيد: تأويلهم «ستين مسكينا»، من قوله تعالى (فإطعام ستين مسكينا) المجادلة: 4 «على ستين مدا»، بأن يقدر مضاف، أي طعام ستين مسكينا، وهو ستون مدا، فيجوز إعطاؤه لمسكين واحد في ستين يوما، كما يجوز إعطاؤه لستين مسكينا في يوم واحد، لأن القصد بإعطائه، دفع الحاجة، ودفع حاجة الواحد في ستين يوما، كدفع حاجة ستين في يوم واحد.
ووجه بعده: أنه اعتبر فيه ما لم يذكر من المضاف، وألغى ما ذكر من عدد المساكين، الظاهر قصده لفضل الجماعة وبركتهم، وتظافر قلوبهم على الدعاء للمحسن.
المحشي: قوله «بمحله» أي محل التأويل، وهو «امسك».
قوله «وتظافر قلوبهم» صوابه «تضافر» بالضاد، قال الجوهري وغيره: «تضافروا على الشيء تعانوا عليه».
الشارح: «و» من البعيد: تأويلهم حديث أبي داود وغيره: «أيما امرأة نكحت نفسها» بغير إذن وليها فنكاحها باطل» وفي رواية البيهقي: «فإن أصابها فلها مهر بما أصاب منها» «على الصغيرة، والأمة، والمكاتبة» أي حمله أولا بعضهم على الصغيرة، لصحة تزويج الكبيرة نفسها عندهم كسائر تصرفاتها، فاعترض: بأن الصغيرة ليست امرأة في حكم السان. فحمله بعض آخر: على الأمة، فاعترض بقوله «فلها مهر مثلها» , فإن مهر الأمة لسيدها. فحمله بعض متأخريهم على المكاتبة، فإن المهر لها. ووجه بعده على كل: أنه قصر للعام المؤكد عمومه ب «ما على صورة نادرة, مع ظهور قصد الشارع عمومه, بأن تمنع المرأة مطلقا من استقلالها بالنكاح, الذي لا يليق بمحاسن العادات استقلالها به.
المحشي: قوله: «فحمله بعض متأخر يهم على المكاتية» أي بعد إخراجه الصغيرة والأمة من شمول الحديث لهما، لما ذكره الشارح.
صاحب المتن: و«لا صيام لمن لم يبيت» على القضاء والنذر. و«ذكاة الجنين ذكاة أمه» على التشبيه.
الشارح: «و» من البعيد: تأويلهم حديث: «لا صيام لمن لم يبيت أي الصيام من الليل، رواه أبو داود وغيره بلفظ: «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له «على القضاء، والنذر»، لصحة غيرهما بنية من النهار عندهم. ووجه بعده: أنه قصر للعام النص في العموم على نادر، لندرة القضاء النذر بالنسبة إلى الصوم المكلف به في أصل الشرع. «و» من البعيد: تأويل أبي حنيفة حديث ابن حبان وغيره: «ذكاة الجنين ذكاة أمه بالرفع والنصب «على التشبيه» , أي مثل ذكاتها أو كذكاتها، فيكون المراد ب «الجنين الحي, لحرمة الميت عنده، وأحله صاحباه كالشافعي. ووجه بعده: ما فيه من التقدير المستغنى عنه.
المحشي: قوله «أي مثل ذكاتها أو كذكاتها» بيان لتقدير روايتي الرفع والنصب عند الحنفية، فالرفع عندهم على حذف مضاف، والنصب على نزع الخافض، وأما بيان ذلك عندنا فهو ما ذكره.
صفحة ١١١