وحاصل ما ذكروا في الاعتذار أن أمر ائتوا ما كان أمر عزيمة وإيجاب حتى لا يجوز مراجعته ، ويصير المراجع عاصيا بل كان أمر مشورة وكانوا يراجعونه صلى الله تعالى عليه وسلم في بعض تلك الأوامر سيما عمر. وقد علم من حاله أنه كان موفقا للصواب في درك المصالح ، وكان صاحب إلهام من الله عز وجل ذكره وثناؤه ، ولم يقصد عمر بقوله قد غلب عليه الوجع أنه يثوهم عليه الغلط به ، وإنما أراد التخفيف عليه من التعب الشديد اللاحق به من إملاء الكتاب بواسطة ما معه من الوجع فلا ينبغي للناس أن يبشاروا ما يصير سببا للحوق غاية المشقة به في تلك الحالة ، فرأى أن ترك إحضار الورق أولى مع أنه خشي أن يكتب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أمورا يعجز عنها الناس فيستحقون العقوبة بسبب ذلك لأنها منصوصة لا محالة لا اجتهاد فيها أو خاف لعل بعض المنافقين يتطرقون به إلى القدح في بعض ذلك المكتوب لكونه في حال المرض فيصير سببا للفتنة فقال حسبنا كتاب الله لقوله تعالى : {ما فرطنا في الكتاب من شيء} ، وقوله : {اليوم أكملت لكم دينكم} فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة اه. كلامهم بخلاصته. وفيه نظر لأن قوله لا تضلوا يفيد أن الأمر للإيجاب إذ السعي فيما يفيد الأمن من الضلال واجب على الناس ، وقول من قال : كان واجبا
صفحة ٣٩