الحسنة والسيئة

ابن تيمية ت. 728 هجري
98

الحسنة والسيئة

محقق

-

الناشر

دار الكتب العلمية،بيروت

رقم الإصدار

-

مكان النشر

لبنان

تصانيف

التصوف
فيها من الأحوال العجيبة، التي تعينهم عليها الشياطين، لما يحصل لهم بها من بعض أغراضهم، من الظلم والفواحش، فلا يبالون بشركهم بالله، ولا كفرهم به وبكتابه إذا نالوا ذلك، ولم يبالوا بتعليم ذلك للناس، وتعظيمهم لهم، لرياسة ينالونها، أو مال ينالونه. وإن كانوا قد علموا أنه الكفر والشرك عملوه، ودعوا إليه، بل حصل عندهم ريب وشك فيما جاء به الرسول ﷺ، أو اعتقاد أن الرسول خاطب الجمهور بما لا حقيقة له في الباطن؛ لأجل مصلحة الجمهور، كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة والملاحدة والباطنية. وقد دخل في رأي هؤلاء طائفة من هؤلاء وهؤلاء، وهذا مما ضاهوا به فارس والروم وغيرهم؛ فإن فارس كانت تعظم الأنوار، وتسجد للشمس وللنار. والروم كانوا - قبل النصرانية - مشركين يعبدون الكواكب والأصنام، فهؤلاء الذين أشبهوا فارس والروم شر من الذين أشبهوا اليهود والنصارى، فإن أولئك ضاهوا أهل الكتاب فيما بُدِّل أو نُسِخ، وهؤلاء ضاهوا من لا كتاب له من المجوس والمشركين، فارس والروم، ومن دخل في ذلك من الهند واليونان. ومذهب الملاحدة الباطنية: مأخوذ من قول المجوس بالأصلين، ومن قول فلاسفة اليونان بالعقول والنفوس. وأصل قول المجوس: يرجع إلى أن تكون الظلمة المضاهية للنور هي إبليس، وقول الفلاسفة بالنفس. فأصل الشر عبادة النفس والشيطان، وجعلهما شريكين للرب

1 / 114